السبت، 24 مايو 2014

FB بهجة الإنتظار


في البداية، نعتاد علي فعل أشيائنا مع أصدقائنا، ثم نختار أن نتبع ما نريده عكس رغبة من حولنا فنكون بمفردنا لبعض الوقت.
 تعلمت منذ مدة أن استمتع بالإنتظار ... لا أجعله شيئًا سخيفًا يمر ببطىء، و لكن أعلو فوق حييزي الضيق لأرى الآخرين بعين الطائر، لذا؛ لا أمل من الطرق المزدحمة فدائمًا هناك شئ لنتابعه ... هناك مباني متناسقة أو غير متناسقة، أنواع الشجر التي يزهر كل نوع منها في وقت مختلف مع العام (في وقتنا هذا يكون الشجر ذي الورقة المركبة مزهر بزهور حمراء فاقع لونها غاية في الجمال و البهجة ) بحيث يكون هناك دائمًا نوعًا معينًا من الزهور طيلة العام .

عندما تذهب لإستقلال القطار و تأتي مبكرًا فأفضل شئ أن تختار مكان غير مزدحم لتجلس و تراقب . 
القطارات مواصلة جيدة من حيث ان الفوارق طبقية فيها شبه منعدمة . يمكنك رؤية مختلف طبقات البشر بدء من أطفال الشوارع، المجندين الغلابة، ضباط الجيش و الشرطة الرتب، القضاة (في الصباح الباكر)، الأجانب من مختلف الجنسيات، رحلات المسنين، الراهبات، العائلات التي تحوي جميع الأعمار و الأنواع تذهب لقضاء عطلة قصيرة و المحملين بأكياس كثيرة من مختلف الأحجام، الفلاحات القادمات من قراهن لبيع منتجات الريف في أسواق المدينة ( بيض - بط - حمام - جبن قريش و بعض الخضار الموسم ) و التي تحملها غالبًا في شبك و أطباق معدنية كبيرة تسمي ( طشط ) .


تخيرت كرسي ليس بالبعيد ولا بالقريب من رصيفي، و تأملت في وجوه من يحملهم القطار من شتي البقاع للمحطة . تأملت الوجوه و كيف هي ... جاء في خاطري فيديو * قد رأيته منذ فترة عبقري في تصويره لأن كل إنسان هو بطل حياته و يحمل هم معين في لحظه معينة . تخيلت الجمل المكتوبة فوق كل شخص أراه خارج من القطار ... تأملت أنهم أيضًا ابطال لحياتهم مثلما أنا بطلة حياتي ... و تأملت صانع كل هؤلاء البشر و كيف يرزقهم و يعلم ما بدواخلهم و يسبب الأسباب لهم حتى ليتخيل أحدهم أن العالم كله مسخر له أو يعمل لصالحه، قد يكون و قد لا يكون . ألله أعلم . و لكن تدبير أمر كل هؤلاء فوق حصر العقل البشري . جائني خاطر أن هناك من هؤلاء من هو العزيز في قومه، و هناك الذليل و هناك صاحب السطوة، و لكن هم يتساوون في أشياء كثيرة جدًا ... ماذا يميز فرد عن الآخر سوى الإعلام ؟؟ كلهم تقريبًا في نفس معدلات الطول و لديهم نفس المقومات الضئيلة ... لذا من يملك سطوة فوق هؤلاء العاديين حتمًا لابد أن يصاب بلوثة إن لم تتأثر قواه العقلية بشكل أو بآخر . 

السيطرة لها لذتها التي تعتبر من أقوي المشاعر التي يمكن أن تسيطر علي بشري . فنحن نعلم ضعفنا و لكن نتغافل عنه أو حتى ننساه بفعل الروتين فما إن نملك ما قد يُشعرنا أنه قد يعوضنا عن هذا الضعف الإنساني المفطورين عليه يبعث بمشاعر عظيمة قد تهيئ للمرء خطئًا انه استطاع التغلب و تجاوز ضعفه . يحيط نفسه بمظاهر النعيم , و تلفه مظاهر الإعجاب و الغبطة من الآخرين يظن أنه بها سيعلوا و يعلوا و لكنه يعيش في وهم يتحول لحقيقة في عينيه . لا يحتد بصره و ينطفئ هذا الوهم إلا بأول لحظاته في القبر . 

شهوة السيطرة و تجاوز جميع مظاهر الضعف الإنساني و التعلق بنظرات الإعجاب الزائلة من أصعب ما يصيب المرء في عصرنا الحالي ... نسأل الله السلامة . 



---------------------
* رابط الفيديو المذكور في المقال
https://www.youtube.com/watch?v=cDDWvj_q-o8

السبت، 17 مايو 2014

FB أين المفر ؟


عندما أسمع عمن يريد السفر للخارج, و أجده يتلو مميزات العيشة خارجًا في أنه يريد أن يُعامل بشكل آدمي , و يتحدث عن التسهيلات في كل شئ في المعيشة و الحياة عمومًا ... يستوقفني هذا الأمر كثيرًا و اتفكر 

أتفكر في طريقة التفكير التي تتناول الأمور , هل من يردد هذا الكلام فعلًا رأى ما يسوؤه ؟ هل هو مدرك فعلًا لما هي مشكلة البلد التي يعيش فيها ؟؟ أم انه مجرد انسان كسول يريد رغد العيش و الرفاهية بأقل القدر من التعب و المعاناه ... 


طبعًا من حق الجميع أن يعيش عيشة كريمة و يعامل معاملة لائقة , هذه بالطبع بديهيات, و لكن ما أتحدث فيه هي نقطة أخرى سأحاول إيضاحها لأنها دقيقة للغاية و قد لا تبدو منذ الوهلة الأولى ... 


البلد لا تتكون من أناس آخرين غيرنا , البلد ببساطة تتكون منا , كل إنسان - شاء أن أبى - يحمل بداخله كزء من امراض المجتمع الذي يعيش فيه , ببساطة لأنه إن لم يتمكن من مجاراته لتعب للغاية و بدي - كإنسان فضائي - و هناك تجربة إنسانية راقية للغاية عايشتها بجزء كبير من كياني إستنتجت منها أن هناك "قيم" جامعة تكون موجودة في الفضاء الإجتماعي , لم يضعها أحد بعينه و لكنها متركمة بشكل ما , تتمثل في المجموع في لحظة معينه فالقيم مختلفة بإختلاف التجارب التي تمر على المجموع  , بصورة أو بأخرى تختلف شدة تلك القيم بإختلاف الشخصيات و لكن يظل هناك حد أدني من تلك القيم الجامعة عند الأفراد المكونين للتجمع المعين , بالطبع هناك شخصيات مؤثرة و فاعلة إجتماعيًا و يمكننا تسميتها مجازًا بمن يمتلكون الفلسفة الإجتماعية و البوصلة التي تمكنهم من إنتقاد فعل بثقة أو الرضى عن فعل و تقبل الخلافات , و هناك شخصيات تتبني تلك القيم الجديدة عليها لأنها تجدتها قيم جيدة ولا تتعارض مع ثوابتها  , و هناك شخصيات لا تتبني القيم ولكنها تنصاع لها بإنصياع المجموع لها . و إن أتيحت لها الفرصة ستظهر بشخصيتها الحقيقية و لكن الشخصية الإعتبارية للكيان تؤثر عليهم .

الامر له عدة جوانب إيجابية و سلبية , لأنه قد يكون السياق العام فاسد , فسيكون من الافضل أن لا تنصاع  له كليًا و لكن مظهريًا فقط , و لكن إن كان السياق العام كله صالح و انت لازلت تتمسك بعاداتك التي قد تكون فاسدة , فستظهر في اوقات معينة 


 هذا الامر يصلح في الكيانات الصغيرة نوعًا ما , عمل أو مدرسة أو تجمع أصدقاء متوسط العدد , و يصلح بصورة أقل في الشعوب لان عوامل التأثير تكون اكبر من ذلك و لكن الامر قد ينطبق على الشعوب بمجمله . 

لماذا اقول ذلك ؟؟ لأنه ببساطة قد يضجر المرء من سلوك في الناس , و لكن إن فعله هو يتشدق بمبادئ التماس الأعذار أو ما شابه !! الكيل دائمًا يكون بمكيالين ( حلال لي و حرام على غيري ) قد يضجر من عدم الإهتمام في وسيلة ما أو في دقة مواعيد و يجد انه هو نفسه لا يؤدي ما عليه و يتعلل بأعذار لا حد لها , أعلم ان هناك فعلًا مشاكل حقيقية , و لكن يبقي السؤال ... هل فعلًا تلك التعللات هي تعللات حقيقية و يريد أن يؤدي الأداء الافضل , أم أن المرء تتطبع بتلك الطباع و اصبح التعلل جزء من شخصيته  ؟؟ هل لا يجد الرء نفسه حقًا أم أنه ببساطة لم يتعلم فضيلة الصبر ؟؟ فضيلة الصبر من أهم الفضائل و هي المفتاح الأساسي للنجاح الحقيقي مهما ظهرت من نظريات تنمية بشرية و ما شابه ... 

أذكر أن قريبة لنا سافرت لندن ذات مرة ( و العهدة عليها بالطبع فأنا لم اسافر شخصيًا :) ) و قالت لنا أن سلوك الإنجليز أكثر تحضرًا في التعامل مع الزحام !! فتلك المدينة شوارعها ضيقة و العربات تسير ببطئ , هي تسير و لكن ببطئ و لا يتضجر أحد ولا يفتح أحد تنبيه سيارته لانه ببساطة الوضع معلوم للجميع , و بإعتياد المشوار المعين لا يتعلل أحد بالزحام فهو يعرف ان الطريق بطئ و سيأخذ كذا من الوقت و يفعل حسابه على ذلك !! 
لنأتي لتطبيق هذا الامر عندنا 

الحكومة التي لا تعمل ستطالب المواطنين المساكين بسلوك مسلك اللندنيين في التعامل مع الزحام و ان يتعاملوا معه بهدوء دون ضجر كما يفعلون ... و لكن هل فعلًا الحكومة تؤدي ما علينا لتطالب الناس بذلك ؟؟ لا أطن .
بالمقابل , هل لو حاولت الحكومة تأدية ما عليها , هل سيتفهم الناس ذلك ؟؟ أم سيطالبون بعصا سحرية تعالج التراكمات الفاسدة لعدة عقود و لن يطيقوا صبرًا على الحل الحقيقي ؟؟
هل تطبع الناس بطابع الضجر عمال علي بطال , أم أن سلوكهم سيتغير مع تغير الإدارة ؟؟
و هل تؤدي الإدارة ما عليها حقًا كي تطالب الناس بالصبر لحصاد النتائج ؟؟؟ 
اعرف الإجابة و لكن الامر ليس هو موضوع الكلام الذي يشغل صدري و أضيق به . 

لنعود 

عندما يُذكر موضوع السفر للخارج , اتسائل , هل انا مؤهلة أصلًا لهذا العالم او ما نسميه علي سبيل التندر ( كوكب اليابان أو كوكب أي دولة أخرى  ) هل أنا مؤهلة للعيش في هذا الكوكب المختلف عنا بكل فضاؤه و قيمه التي قد افتقد منها كثيرًا - و أعاني منها في المكان الذي ولدت فيه - هل أنا مجرد فم يريد و يريد و يريد و غير قادر علي العطاء ؟؟ أم لابد أن ادفع الثمن أضعاف مضاعفة كي اعيش حياة آدمية ؟؟

المشكلة أني و من يشبهوني ليسوا كثيرين ((حتى لظننت لبعض الوقت ان فكرة زواجي قد تكون دربًا من الخيال العلمي و لكن أحمد لله كثيرًا علي نعمائه )) نحن نجد بعضنا البعض بصعوبة بالغة , فلسنا ننتمي لشئ قد يكون فيه تعازينا أو سلوانا النفسية و يشاركنا أدبيات المظلومية , و الحد الأدني من القيم و الآخلاق للاسف في تجريف مستمر و هناك حد أدني من الوعي الديني الحقيقي الذي قد يكون موجودًا و لكنه هامشيًا عند البعض ... نحن في مجتمع للأسف أصبح يغلب عليه الطابع العلماني؛ بمعني فصل القيم عما يأتيني بالخبز أو عما فيه مصلحتي . ميزة هذا المجتمع الوحيدة هي أنه قد يفاجئك كل حين بمن يجمع الحسنيين و من يشبهوننا , لكن ف يالمجتمعات الخارجية ستظل غريبًا , فالقلة من المسلمين هم من يرتادون الخارج ( أقصد الغرب الاوربي المتقدم و ليس دول الخليج ) و من يخرج يخرج بآفاته العقلية و أزمات المجتمع الإسلامي المأزوم ولا يكون مؤهلًا فعلًا للتعامل مع الحضارة الجديدة , فهو يشيطنها جملةً واحدةً ثم ينكب على الخلافات التي عفى عليها الزمن , طبعًا الا من رحم ربي و هؤلاء ليس من السهل أبدًا إيجادهم أو أن يتصادف أن تتواجد في نفس المدينة التي يسكنون بها .  

من يسافر ممن نعرف يتركنا في غربتنا هنا , و يذهب هو لغربة أخري على أمل أن يجد معاملة آدمية و أن يعيد تأهيل نفسه للتعامل مع المجتمعات الإنسانية الملتزمة الصارمة بكل قيمها الغريبة و الجديدة عليه , قد يدفع الثمن باهظًا جدًا و قد ييسر الله له عمل و صحبة , و لكن سنبقي هناك غصة في حلقه يتجرعها عندما يتذكر أنه ليس واحدًا من افراد هذا المجتمع , و للأسف لم يعد قادرًا علي العيش وسط مجتمع القديم اللا إنساني الذي آتى منه .


يا رب دبر لي فإني لا أحسن التدبير ... 




الأحد، 11 مايو 2014

FB إلي أميرة العزيزة


السلام عليكم و رحمة الله و بركاته
إلي الأخت المبجلة النجيبة : أميرة محمد محمد محمد 

                                                            بعد التحية و التقدير / 


سعدت جدًا أنك أصبحتي طبيب نفسي مقيم بمستشفي عباس حلمي الثاني ... كثيرين دخلوا طب و لكن القلة هي من تجمع ما بين موهبة الكتابة , نعم أعلم أنك لازلتي في بداية الطريق , أو لنقل لازلتي تطرقين الباب في أول الطريق , و لكن اعلمي أننا لن نصل إلى مرحلة نستيقظ فجرًا  على صوت الكروان لنكتشف بعد الصلاة أننا أصبحنا "فجأة" مؤهلين للعطاء ... سنظل دائمًا في مرحلة التعلم <====> التعليم في دائرة دائبة لا تنفصل , حالة من التعلم و القاء ما تعلمتيه في اي مكان مؤهل لاستقباله , فلا تنتظري أن تصلي لمرحلة معينة كي تعطي , فالناس يقفون على  مراحل و كل مرحلة تأخذ ممن يسبقها و تعطي لمن هو خلفها كي ننهض جميعًا ,  فلا تحقري أي معروف أيا كان وقته ... 

أذكر قصة روتها لي صاحبة  , أنها لم ترَ قريب لها سوى مرات معدودة في حياتها حوالي 3 مرات , و تحدث معها مرة واحدة فقط , و لكنها تذكره جيدًا , لماذا ؟ لانه في المرة الوحيدة التي تحث معها قال لها كلامًا جميلًا ترك في نفسها اثرًا طيبًا , قد يكون هو نفسه نسي هذا الحوار , و لكن صديقتي لم تنس قط و ترحمت عليه بشدة عند وفاته ... و ما الإنسان الا ذكرى طيبة يتركها في نفوس من تعامل معهم . 


و لا تظني أن هناك مرحلة أهم من أخرى , فالتنظير المجرد مهم , على أن لا ينفصل عن الواقع و يغرق في عالم خاص به , و العمل في الواقع مهم , شريطه عدم التماهي فيه و فقدان البوصلة الأساسية التي من أجلها يقوم كل هذا الواقع و كل العمل ... هي دائمًا مسألة إتزان ... و إدعِ الله دائمًا بقلب صادق أو تصلي إليها , و هوني علي نفسك , فالتقصير و القصور سمت من سماتنا كبشر . 


سأقول لك كما كان يقول المستشارين المحيطين يقولون للفاتح المنتصر عند عودته من المعركة و الجميع يستقبله بالورود و الرياحين : أنت فقط مجرد رجل ... ساقولها لك , أنت مجرد فتاة , و لكني لن أتماهي في التحقير من النفس حتي نصل أن لا نفعل شئ أو لا نعرف مكامن قوانا و ضعفنا , فلنعلم دائمًا مواطن قصورنا , و لكن لنعلم أيضًا ان الله إستخلفنا في المكان الذي وضعنا فيه , و المواهب التي أداها إليها , حتي لو كانت مجرد كلمة محملة بمعني ينفذ للقلوب , فهي أمانة و استخلاف . 

أمس , فكرت في جملتك و أنا اؤدي بعض المهام , و تبسمت لأني أقرا حاليًا في مدرسة فرانكفورت و إيمانهم بضرورة وجود عالم للنفس ليشرح طبيعة الجماهير و يتفهم دوافعهم و لا يقفون موقف المُنَظّر الفوقي , تبسمت لإتجاهك لهذا التخصص الهام . و أرجو ان يوفق الله كل من اوتو نصيبًا من الحكمة أن يتجهوا إليه ... فهو هام للغاية بالفعل . تبسمت لأني تخيلتك تكتبي Text Book و تضعي فيه نظريات ثورية تمامًا , و لكني نبذت فكرة الtext book جانبًا و قلت أنت سوفت تكتبينه بالعربية , و بلغة أدبية سهلة و محببة للنفس , تمزجين فيها الأدب بالعلم بالنظريات بالتأملات ... فسيكون شئ جديد بالفعل لا توصيف سابق له . لا يوجد شئ ببعيد ... العمل و الصبر و بذل الجهد في المكان الصحيح هم المفتايح المعروفة و التي لا يجسر عليها الكثيرين . 


أريدك من خلال عملك الجديد أن تنتهجي منهجين متلازمين , يسيران جنبًا إلي جنب كشريط القطار , و تنتقلي ببراعة بينهما , الاول هو المنهج الاستيعابي , فحاولي أن تتعرفي علي دوافع مريضك و تتعمقي في اسلوبه في تناول الأمور ... تعمق حقيقي و ليس تعمق فوقي , تحاولي ان ترتدي نظارته الشخصية التي يري من خلالها الامور و الحياة . انغمسي فيها انغماسًا دون وجود اي تحيزات مسبقة . سيساعدك هذا الامر في فهمه كإنسان مجرد من كل التحيزات الأيديولوجية , ستعرفين أن كثير من قراراته هي مجرد ردود أفعال لما يحدث له , و للسلسلة و الاسلوب الذي يفكر به . 

المنهج الآخر هو أنك تضعي كل ما توصلتي إليه عند إرتدائك لنظارته في ميزان تحليلي دقيق ( و ليس نقديًا ) لتعرفي ما هي الحلقة الضعيفة الهشة التي لو غيرناها بالفعل لتغير الامر كله , الحلقة تكون في تفكيره , أو في فهمه للأمور ...أو في اي شئ آخر ... إيجاد تلك الحلقة هي ما تميز الطبيب النفسي الناجح و آخر يطبق نظريات سالفة الذكر وضعت في حيز ثقافي آخر بحذافيرها علينا  دون فهم حقيقي لنفسية من هو أمامه ... النماذج السابقة الموضوعه في مدارسة الطب النفسي الغربي تعطينا مؤشرات .. و لكنها ليست كل شئ .  فهناك عوامل كثيرة خاصة بنا , الحاذق هو من يتعرف عليها و يستخرجها كما يُستخرج عرق الذهب من وسط الصخور . 

يمكنك ان تضعي نظريات نقدية فيما بعد "لك انت " علي الورق , لتحللي أفات هذا المجتمع , و لكن لا تواجهي الأفراد المساكين بها , فهم مفعول بهم و مغلوبين علي أمرهم و في حاجة لمساندة و في أضعف حالاتهم و ليسوا فاعلين . انما المناهج النقدية توضع ليتولي الممسكين بدفة الأمور و مقاليد الفعل التغيير الإيجابي , و لانني أعرف ان هذا لن يحدث في مصرنا الحزين في المستقبل القريب , فلتضعيه ليكون منبر استرشادي لمن سيأتي بعدنا ليفهم كيف وصلت الامور لتلك الصورة القاتمة . 


ارجو أن لا اكون قد اطلت عليك عزيزتي ... و اتمني لك الخير كله عاجله و آجله ... دمت برعاية و حفظ من الله .  

السبت، 3 مايو 2014

FB من هواجس المتزوجين حديثًا ...

مقدمة للتمهيد 


يقول لصاحبه و هو في بدايات الحياة الجامعية و حماس الشباب يملؤه , عندما يتحدثون عن طموحات المستقبل : 
ناوي إن شاء الله اتجوز بنت حلوة , تجيب لي عيال حلوين زي عيال الإعلانات اللي تفتح النفس دي ... العيال عزوة بردو و حلو لما يبقي حد اسمه فيه اسمي ,,, صحيح اني تربية المدينة بس اصولنا في البلد عريقة , يعني لما يبقي فيه كفر بحاله اسمه علي اسم جدك بيبقي لك وضعك بردو ...

يريد عليه صاحبه العقلاني  إبن المدينة الخالص : 
و كان جدك بقي فتح عكة علشان يسموا الكفر علي اسمه ؟؟ يابني دي كلها مسميات فارغة . و بعدين مع احترامي يعني في النهاية دا حتة كفر في بلد في الريف ... الحياة فيه متغيرتش يجي من متين سنة . مصر يابني دي كلها علي بعضها كدا من الدول اللي داخلة تصنيف الدول الفاشلة من سنة 2005 , انا اصلا مش ناوي علي جواز و لو حكمت مش هخلف !! أخلف ليه اصلا ؟؟ انت عارف العبيد في امريكا , أغبى شئ كانوا بيعملوه انهم يخلفوا ... بيزودوا القوة العاملة للأغنيا و  الحتمية التاريخية بتقول ان ابن العبد هيفضل عبد و ابن الفلاح هيفضل فلاح ... فيبقي ليه اخلف ؟؟ علشان اورثهم الجنسية العرة دي ولا علشان اورثهم الفشل اللي انا فيه ؟؟ انا مليش عزوة و محدش عامل لي خميرة ولا سايبين لي شقة يعني لازم ابني نفسي من الصفر , و للاسف انت لازم علشان نبقي كويس تبدأ من عشرة مش من الصفر حتي لأن الصفر في مصر مش آدمي ,  احنا ملناش اي قيمة في الدول ... انت جربت تسافر اوروبا كدا ولا امريكا ؟ بتعامل معاملة درجة عاشرة و يجي الاجنبي يتعامل هنا معاملة درجة اولي اعلي من ولاد البلد اصلا ... أنا لو هتجوز هتجوز بت اجنبية و عيالي ياخدو الجنسية و استقر برا بقي و اعيش بني آدم بجد . 


====================================


من تزوج في مصر يحسب أنه تخطى عقبة رهيبة و هي أن يجد نصفه الآخر , و يظن أن عقبات حياته قد إنتهت  , ليفاجئ - بعد وقت طال أم قصر - أنه أمام تحي لم يحب حسبانه أو لنقل أنه لم يدرك أبعاده , و هي عقبة تربية الأبناء في مثل هذا المجتمع المأفون . 


بصراحة شديدة و قبل أن اكمل , أرجو أن لا يتقمص أحدهم دور الناصح أو العليم ببواطن الأمور , ما مر من تجارب تربية لا ينفع في هذا العصر لان الظروف و الأخلاقيات و الإمكانيات تتغير بشكل سريع جدًا ... نعم قد نكون صغارًا أو حديثي السن و لكن صدقًا ليس دور الناصح هو الدور المنشود , ما ننشده هو الإنصات بعمق و الحديث بشكل إيجابي لا تسفيه مشاكل الآخرين .  


نعم . فالمجتمعات لا تتربي في حينها و لكن يظهر تأثير الظروف الإجتماعية علينا بعد 15-20 عام . فنحن نتاح تربية عصر من منتصف الثمانينات لمنتصف التسعينات . لم تكن السماوات مفتوحه كما هي اليوم , لست ضد الإنفتاح و لكن لابد ان يواكبه تطور في منظومة المفاهيم لتوازن هذا الإنفتاح ... و لكن الإنفتاح دون بنية قوية يعتبر كارثة حقيقية ... هل اؤمن بالحتمية ؟؟ بالطبع لا , فهناك دائمًا المتمرين الذين يقفون لهذه الحتمية و يثورون عليها , و لكني هنا لا اعني القلة الموجودة دائمًا و لكني اقصد السواد الأعضم الذي يبني الدول ... للاسف السواد الأعظم في طريقه للإنحدار علي كافة الأصعدة . 

هل هذه بيئة صالحة لتربية الأبناء ؟؟ 

هل هناك ما يسمى بالقيم الجمعية التي تجمع الناس في مجتمعنا أم أصبحنا مجرد تجمعات منفصلة يجاهد كل فصيل منها ان يجد قوت يومه ليتمكن من البقاء علي قيد الحياة و فقط ؟؟ أصبحت الأخلاق شئ تقابله بالصدفة لو دعت لك الحاجة في ساعة رضا . لكنه لم يعد الاساس في العلاقات للاسف . 

هناك عدة معضلات تواجهنا و لابد من الدراية بها لنتعامل معها . 

العزل الصحي :
يقول البعض أنه يريد التحرر من قبضة الدولة و سيربي أبناؤه بنفسه و لن يجعلهم يذهبون للمدارس , حسنًا , قد يكون الحل نظريًا جيدًا و لكن هناك مشكلات عديدة تجابه هذا الامر , و هو الإنفصال الكامل عن مجتمع مفروض علينا و هو الأغلبية شئنا أم ابينا ... كما أن الإنعزال التام له سلبياته التي ينبغي إدراكها للتعامل معها , لسنا نمتلك القوام الإقتصادي الذي يجعلنا قادرين علي اقامة دورة حياة كاملة بمعزل عن الدولة ( مواصلات - بيوت - اماكن ترفيه و انشطة و رياضة - تعليم و ثقافة و أعلام و فن - تعليم و اخيرًا حياة اجتماعية و زواج و ابناء نستطيع التكفل بهم و شغل وقتهم 100% ) أقرب نموذج يفعل ذلك هو مسيحيو مصر , و لكنهم لا يزالوا يتعاملون بشكل أو بآخر في اطار الدولة , تمارس عليهم ضغوط و يحاولوا ان يمارسوا عليها ضغوط و ذلك لوجود بعض نقاط القوة و التخويف المتبادل . لن نتمكن من فعل ذلك في الوقت الراهن , لست ضد هذا الإتجاه بالتأكيد و أتمني له النجاخ و الشيوع من كل قلبي و لكنه علي الصعيد الشخصي غير متوافر لدي ...


الكفاءة الفائقة 
يُقصد أن يكون المرء مؤهل فوق امكانيات مجتمعه و لا يستطيع مفارقته في الوقت ذاته . أكثر من رايتهم يواجهون تلك المعضلة هن صديقاتي المثقفات في صعيد مصر , هن أغلب من الغلب , لأن إمكانيات الصعيد اصلا معدمة و مُهمش منذ فترة طويلة و لا يزال ... و الفتيات ليس في مقدور جميعهن السفر للعمل و البقاء وحدهن في القاهرة أو مدن الفرص بوجه عام . و هن لا يجدن من هو مؤهل لهن في محيطهن الضيق كي يتزوجنه . فهن لا يمكنهن تغيير واقعهن و لا يمكنهن في الوقت نفسه تركه :( 
يحدث هذا ايضًا عندما يكون الشخص مهذب للغاية او علي خلق يتعامل مع سفلة الخلق , يظن ان اكرامه سوف يجعله طيع له و في الحقيقة ان سفلة الناس لا يتفاهمون الا منطق القوة , لو اديتهم علي دماغهم سيحترموك و هذا عكس الانسان السوي الأصيل الذي يلين بالحسنى و يأسره المعروف . صدمة تعامل النظاف بشدة مع مجتمع قذر تكون مأساويه , فالحل ان يكون الإحترام بحساب , و وضع الأخلاق و التعامل بها مع من يستحقها . فالأسماك لا تعيش في المياة المعقمة . ما هو القدر المناسب للتعامل الصحي ؟؟؟ للاسف هذا امر تقديري بحت و لا يمكن الإتفاق عليه . 


- الإحباط الوجودي و التنازل عن القيم : 
في المجتمعات الفاسدة مثل مجتمعنا , لا يكون تقلد المناصب لمن هو كفئ و لكن لمن يكون له محسوبيه أو من يدفع رشوى , و كلاهما يودي بالمصلحة العامة للجحيم . فيبذل المرء قصارى جهده ثم لا يجد في ا لنهاية أي تقدير لموهبته أو لأي شئ حقيقي يتميز به . فيشعر انه بلا معني لأنه لا يجد متنفس له ليمارس كفائته الإنساية ... و يكون مطالب في الوقت ذاته ليتماهي مع تلك المنظومات الفاسدة بتسكين جزء من ضميره لتمرير بعض الفساد كي يستطيع ان يترقي أو حتي أن يجد لنفسه مكان ليعمل . أو ان يظل مهمش طيله عمره ولا يكون هناك اي استفاده حقيقية من مجهوده . كيف يمكنني أن اتعامل مع ابني/ إبنتي المجتهد/ة إن جد و تعب و رتب و طلع من أوائل دفعته و لم يعين كمعيد فقط لأن مجلس ادارة القسم يريد تعيين إبن الدكتور/ة فلان/ة مكانه ؟؟ 


هذه بعض من الأسئلة التي وجدتها تشغل بال كثيرين ممن لديهم طفل واحد , هناك من لا يريدون اطفال من الأساس لأنهم يرونه تحدي غير مجدي في النهاية , و الأفضل ان استمتع بحياتي انا و لا أضيعها علي آخرين لن يردو الجميل او قد يقتلون فقط هكذا  ...  هناك من يقول اننا سننقرض , و هناك من يرد عليه و يقول انه لا يضيره الإنقراض طالما اننا سنموت , فماذا يهمني بعد موتي و لماذا اكترث لتلك الحياة القاحلة القاتلة اصلا ؟؟ هناك من يقول ان هذا استسلام معيب للأقدار و انه لا يصح ان نفكر هكذا ... فليس معني فشلنا هو أن ابناؤنا سيفشلون بالتبعيه ... الأسئلة كثيرة و الهواجس لا حد لها و فوجئت أنها تشغل بال الكثيرين علي كافة المستويات !!! 

أرجو أن يكون النقاش و التعليقات بناءه , فأول طرق علاج المشكلة هو التشخيص الجيد و التوصيف السليم للمشكلة . 

حيرة دائمة

دائمًا ما أمتلك المعاني و أعجز عن كتابتها , اشعر أني اقترب من قصة قصيرة لا تترجم أبدًا لكلمات , فالقصص القصيرة لها نصان , نص مكتوب و نص نفسي ... دائمًا لدي الثاني و يعجز الأول عن أداء مهمته ...  دائمًا ما تأخذني الفكرة , و أسبح معاها و تطيرني رياحها الهوجاء , فلا أكمل السباحة في هدوء ولا أتمكن من إستغلال الهواء لأصل لوجهتي بسرعة ... لأظل في حيرة أزلية

هي كالجواد الجامح ... و الكاتب الماهر من يستطيع قيادة هذا الجواد , ليصل بمهارة لما يريد  ...