الجمعة، 22 مايو 2015

FB هل نحن حضارة مدن أم حضارة قري ؟؟


أجد هذا الإشكال كثيرًا ما يقع فيه قراء المسيري ، خاصة حديثي السن ممن يتميزون بإغترابهم عن المجتمع ( المدرسة/ الكلية ) الذي يعيشه أغلب الشباب الآن ، أو قيم المجتمع ككل ...فتجدهم يجنحون لرفض الحداثة و المدينة و ما يحيون فيها ، و تجدهم يميلون لقيم المجتمع التراحمي المطلقة ( و التي ذكر المسيري  في سيرتة الذاتية انها جيدة و لكنها لا تؤدي لتقدم حقيقي ) 

هناك للاسف جوانب سيئة للغاية للمجتمعات القروية ...  أهما في رأيي هي محو الفردية و أن يصبح المركز هو المجتمع ، كلام الناس ، العزوة و ما إلى ذلك و تتلاشي تمامًا قيم احترام التميز الفردي ، حتي قال المسيري بنص كلامه ان الزواج يكون زواج اسرتين و ليس فردين ... ( طبعًا هذا الكلام عليه ملاحظات و تحفظات كثيرة لان الزمن تغير و هناك عوامل تدخلت كثيرًا الآن عما كان يحكيه و يشاهده المسيري في طفولته في النصف الاول من القرن ال 20 ) و لكني اتحدث عن نقطة محددة و هي ميل البعًض الآن للحديث عن المجتمعات التراحمية الصرفه دون النظر لمساوئها ... نقد تلك الفكرة يجعلنا اولًا نفيق من النوستالجيا ، أو ما يمكننا تسميته مجازًا بالحنين ، التي تتملك البعض و تجعله ناقم على المجتمع الذي وجد فيه ... ناسين او متناسين ان التحدي الذي يواجه الافراد هو موجود دائمًا علي إختلاف اشكاله و اختلاف مواقعنا من المجتمع ( فتحدي الشاب غير تحدي الفتاه و تحدي الكهل غير الشاب و تحدي ابن المدينة غير ابن القرية و هكذا ) و لكن هناك دائمًا تحدي موجود لابد ان نعترف بوجوده و ان فكرة الفردوس الارضي غير قابلة للتحقق في الدنيا ... كل ما يمكننا فعله هو الاعتراف بهذا التحدي الحتمي الذي نواجهه و نحاول مواجهته و جهاده بأقصي ما نستطيع . 


فوجودنا في المدينة هو نسبيًا جيد ، هو يحتاج لبعض الترويض الممكن ، و هذا افضل من تمني شئ يستحيل تحقيقه و هو بالمناسبة ليس جيدًا ...

=================
هناك فائدة عضدت كلامي ووجدتها جميلة للغاية في ان المدينة مفضلة علي القرية لهذا السبب تحديدًا - وجود مساحة للأفكار و الآراء المختلفة - عكس القرية التي يغلب عليها الطابع الواحد و انصهار الفرد في الجماعة ... سوف انقلها بشكل كامل ها هنا و اشير للمصدر في نهاية المقال ::

نفحة من نفحات الصالحين.
لطائف تفسيرية
تفسـير في سـورتيْ [ الكهف و يس ]
إنّ سورتيْ [ الكهف ] و [ يس ] همـا مِنْ أكثر السـور قـراءةً لـدى المسلمين ، لكن هناك موضوع مدهشٌ للغاية في السورتين ، هو : كيف تتحوّل [ القرية ] إلى [ مدينة ] في ذات الوقت ، و دون مـرور فتـرة زمنـيّة ، حيثُ نجـد في سـورة الكهف ( حتّى إذا أتَيـا أهْل قـريةٍ اسـتطعمـا أهلـها فأبَـوْا أنْ يُضَـيّّفوهمَـا فـوجـد فيهـا جـداراً يُـريد أنْ يَنْقضّّ فأقامَـه) .... ثم قال تعالي عنها ( و أمّـا الجـدار فكان لِغًـلامَيْن يتيميْن في المدينة ) سورة الكهف
و ذات الموضوع ورَدَ في سورة يس : ( و اضْربْ لـهم مثـلاُ أصـحاب القـرية إذْ جاءها المرسلون) ..... ثم قال تعالي عنها في موضع آخر (و جـاء منْ أقصـا المـدينة رجلٌ يسـعى ) سورة يس
فكيف انقلبت [ القـرية ] إلى [ مـدينة ] ببـلاغةٍ مـدهشـة ؟ !
اعتمد القرآن الكريم على [ طبيعة السكّان ] في مسمّياته للتجمعّات السكّانيّة ، فإذا كان المجتمع [ مُتّّـفقاً ] على فِكْرة واحدة أو مِهنةٍ واحدة أسـماه القرآن [ قـرية ] ، و نحن حتّى الآن نقول مثلاُ : القرية السياحيّة ، القرية الرياضيّة ..
و نعود إلى سورة الكهف : فعندما اتّفق المجتمع على [ البُخْل ] عندها أسـماه القرآن الكريم [ قرية ] ،و في سورة يس عندمـا اتّفقوا على الكُفْر أسماها أيضاً [ قرية ] . و مثالُ آخر : عندما اتّفق قوم [ لـوط ] عليه السلام على معصية واحدة قال تعالى :
( و نجّـيناه من القـرية التي كانت تعْمل الخبائث ) الأنبياء .
و عِندمـا يُطلق القرآن الكريم مُسمّى [ مـدينة ] يكون المجتمع فيه الخـير و فيه الشـرّ ،أو يكون سـكّانه [ أعـداءُ ] مع بعضهم ، و الدليل على ذلك أنّ القرآن الكريم أطلق على [ يثرب ] اسم : [ مدينة ] ، و أضاف المسلمون كلمَة [ مُنـوّرة ] ، لوجود منافقين و صحابة بنفس المجتمع ، فقال تعالى ( و من أهل المـدينة مـردوا على النفاق ) سورة التوبة آية 101 ، لذلك لم يردْ في القرآن الكريم أنّ الله سبحانه قد أهلك [ مـدينة ] ، بل يُهلك القرى الكافرة تماماً أي عندما يعمّ الكُفر في المجتمع .
نعـود لسـورة الكهف : عِندمـا أضـاف [ العبد الصالح ] ، أضاف الولدين [ الصالحَين ] إلى المجتمع البخيل [ الفاسد ] ، أصبح المجتمع [ مـدينة ] و لم يعُـدْ [ قـرية ] ، و كذلك في سورة يس ، عندمـا أسـلم أحـد الأشخاص ، أصبحت [ القرية ] الكافرة [ مـدينة ] فيها الكفر و فيها الإيمـان ، لذلك قلب القرآن الكريم التسمية فوراً و بذات الحَدَث منْ [ قرية ] إلى [ مدينة ] ، و من روعة البلاغة في القرآن الكريم ، أنّ القارىْ لا ينتبه أنّ [ القرية ] قـد أصبحت [ مدينة ] .
أرجو من الأخوة الكرام العودة إلى سورتيْ الكهف و يس ، و الانتباه لهذا الموضوع المدهش في جميع آيات القرآن الكريم
كلّ هـذا و الله أعـلم .



هذا هام، و لكن ينبغي الإنتباه لنقطة مهمة ...

وهي أن دعوة الصالحين كانت هي الإستثناء الوافد  و كانت هي المرفوضة في مجتمع جامد / الآن اصبحت الحداثة هي الوافده علي مجتمع القيم و يزعم الناس انها ستزعزع الإستقرار و تستبدل القيم الصالحة بالطالحة . 
المدينة العادية ليست كالمدينة الحداثية التي نحياها . 


لابد أن نعترف بنقطة ، و هي أننا مجتمع "قد " يكون لديه "بعض" القيم الشكلية عن الدين او ما شابه ... لكنه لأسباب كثيرة ليس المجال لذكرها الآن ، لم يعد متدينًا بشكل حقيقي ... اصبح التدين شكلي فارق الروح الحقيقية ... كما انه هناك تراكمات جاهلية كثيرة تم الباسها ثوب الدين و ما هي من الدين في شئ و ترسخت ... اصبح اقتلاعها صعبًا لانها مقترنه خطًا بالدين ... لذا فالتنازع كل فترة بين القيم الوافدة ( التي بها شئ من الصحة ) و القيم الراكدة ( التي تلبس خطأ بالدين ) ليس ضدنا علي المدي الطويل و لكنه في صالحنا ... المهم فقط في رايي ان نعي التحدي الذي نواجهه كي نعد له عدته و نفيق من الحلم بأشياء لن تحدث و نركز علي الممكن و لو بعد حين .





حضارتنا في جوهرها هي حضارة مدن تعترف بالتفرد و الإختلاف و ليست حضارة قري تقود الناس كالقطيع .


=========

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق