الأربعاء، 15 يوليو 2015

FB أيامي في المكان الموجوده به : 1 - أم رامي

كان لي تقليد قديم منذذ 2008 ان اكتب عما اجده في اماكن عملي ( ايامي في شارع ابو زيد - ايامي في شارع عبد العزيز فهمي ) و بما انه مفيش اسماء شوارع للمكان اللي انا فيه فخليه كده لحد ما نعرف له اسم :D 
 لتوثيق اللحظة اولًا لاني انساها فعلًا بعد مرور الوقت ... و لان ما نقابله من شخصيات و احداث يستحق ان نتحدث عنه ... حتي و ان كان مكررًا . فالحياة كلها مكررة و لكن المتغير هو الانتباه للتفاصيل الصغيرة ، و هي التي تصنع حياتنا في الحقيقة !!



منذ صغري و انا احب السفر/ تغيير الاجواء و الاماكن و التعرف علي ناس جديدة كل فترة ، و من الله علي رغم رتابة عملي انني اتنقل فيه ، فدائمًا هناك اشياء خارج حدود العمل في مكان عملك... و هي الاهم و ما تصنع الفارق النسبي ... 

فيما مضي كنت اعمل في العاصمة ، تنقلت في عدة احياء بين المتوسط و الشعبي جدًا و الراقي . قد تنبهر في البداية من مكان ما  ، و قد يعجبك جماله ، و لكنه جمال مؤقت يزول بالتعود ، كحلاوة اللبان التي تستشعرها في البداية ثم تذهب مع اعتياد المضغ .. 

الآن اعمل في قرية بعيدة جدًا عن العاصمة  او عن اي مركز ... المركز الحضري القريب منها ليس حضري بشكل حقيقي ... و حينما تبتعد عن الحضر في مصر - الذي هو قليل اساسًا و ليس الغالبية - تري وجه آخر للناس . 

القرية من القري المستصلحة حديثًا ،أقل من 30 عامًا ، و لكنك للاسف تري العشوائية و سوء التخطيط و الشوارع غير الممهدة ، فلم يشفع لها قرب زمن انشائها في ان تكون جيده ، أهلها من البدو - ما يسمونهم اصطلاحًا بالعرب - يبدو هذا في الجمال النسبي لأطفالهم . لا اعرف ما هو اساسهم العرقي . العيون واسعة و ملونة و الشعر جميل و لكن يعلوا هذا الجمال طبقة اساسية من القذارة الناتجة عن رقة الحال . الغالبية العظمي من الرجال ملتحين و من النساء منتقبات ، و لكنه ليس تدين بقدر ما هي عادات هؤلاء الناس .. ففي مرة وحدت فتاة ترتدي نقابًا كاملًا احمرً درجة فاقعة جدًا و ملفتة جدًا جدًا .. لا ادري من اين اتت به ، رقة الحال للاسف سمت غالب في تلك القرية ، هذا ما يعتصر قلبي بشدة دون حيلة ... فحل الفقر ليس في المعونات و لكن في تحسين سبل المعيشة و ايجاد فرص عمل جيدة ، و في التوعية بكيفية صرف المال ... 


غالب من يعمل في الوحدة ليسوا من اهل تلك البلدة و لكنهم يأتون لها من اماكن بعيدة ، و لكن هناك عاملة تأتي عرفت انها تسكن هاهنا ... عندما جائت لي لم اكن اميزها في البداية ( من النقاب ) فهو يُصَعب عليك تمييز الناس خاصة ان كانوا جمهورًا تتعامل معهم و ليسوا من زملاء العمل ( في مرة كنت ادخل لافتح الصيدلية ووجدت نسوة يتهامسن الصيدلية جت ، و انا الحقيقة كنت عايزة اعرف هما مين دول اللي حفظوني ، حفظ من يتردد عليك من الجمهور بشكل دائم يجعل هناك الفة ما بينك و بين المكان ) و لك لا بأس ... اصبحت الجأ لتمييز الناس من اطفالهن ، و الاطفال في تلك الاماكن قصة اخرى الحقيقة :)) 
المهم جائت ، و عرفتها بمربع ترتر علي عبائتها السوداء الدائمة . ثم اصبحت اتعرف عليها من مشيتها و صوتها .. لها مشية معتدة بنفسها و رافعة رأسها بشكل واثق و ليست منحنية للأمام ... سالتها : ما اسمك ؟؟ قالت لي أم رامي . قلت لها لأ اريد اسمك نفسه فلن اتذكر اسماء ابنائك كي اناديكي بهم ... قالت لي اسمي : مي ... قلت لها عاشت الاسامي ..
 و لكنها تداركت الامر و قالت استحلفك بالله الا تناديني به ! قلت لها لما ؟؟ قالت لي عيب و فضيحة ؟؟ قلت لها نعم ! اكملت : ايوة و الله بالك عيبه في حق اي حد لو اتنادت الست بإسمها ، تقليل منها و عيب يتعرف ، قلت لها طيب ما انت كنت طفلة في يوم ما و كانو بينادوكي بإسمك .. ايه اللي اتغير ؟ قالت لي كلام لم اتبينه من اللهجة المختلفة . و قالت لي اساسا انا مليش ولاد اسمهم رامي . قلت لها مش بتقولي ليكي اربع ولاد ؟ رامي ده يطلع ايه ؟ قالت لي ده اخويا ... اصل شعل الست عيبة في البلد عندنا فلما نزلت اشتغل قالوا لي طب اياكي بقي تجيبي اسم حد من العيال في المشتشفي ... فدخلت باسم ام رامي اللي هو اخويا . قلت لها ياه للدرجة دي ؟ قالت لي ايوة يا دكتورة ... فيه ناس من اهل البلد مقاطعيني و مش بيكلموني لحد النهاردة علشان اشتغلت ، (  لم اكن اريد احراجها لكنها طبعًا تعمل لأنها تحتاج للمال بشدة، و لكنها لم تصرح بذلك و اكبرت زوجها في ذكاء اجتماعي فطري و لكن من تعدد الحديث معها في ايام سابقة فهمت ظروفها الصعبة* )) 
المهم انني حاولت اقناعها ان اسم المراة ليس بالشئ الفضيحة ، و قلت لها علي زوجات الرسول و قلت لها انتوا باينكم تعرفوا ربنا هنا كويس علشان نشبة اللحية و النقاب ، قالت لي ابدًا يا دكتورة ... دول تيت ربنا بيتقال لما يكونوا عايزين حاجة و لكن لما يكون عليهم حاجة ينسوه  ! قلت لها طيب بس متشتميش ، هل ده له علاقة بالعلام ؟ قالت لي كلهم بيعرف يقرأ و يكتب بس المخ الجزمة ملوش دوا ... و حكت لي علي موقف تعرضت له والدتها في انها اشارت برأي معين علي الرجال في مرة فسبوها ، و تحقق ما حذرت منه بعد ذلك !! و قالت لي الواحد بيتكلم بس لما يتكلم يبقي السب و البهدلة هو المقابل فالواحد يسكت احسن ، قلت لها هو كلكم كده ؟ قالت لي غالبًا اللي هنا كده ... بس قالت لي انا ولا يهمني اهم شئ عندي العيال و اننا منتحوجش . 
بس الحقيقة احترمتها لانها في حدود امكانيات مجتمعها عملت اللي تقدر عليه و مش غلط ... و اتفقت معاها اني اناديها بمي و ليس ام رامي :)) 



هو انا عارفة ان الاصلاح في البلد دي ممنوش فائدة ، بس هو اضعف الايمان لانه لا يزال فيه ناس عايشة ولا نزال احنا عايشين ، فالفسيلة حتي لو نعلم انها لن تنبت لا مفر منها كمبدأ لحياتها . فعلا نفسي حد ينتبه للناس دي لانهم بشر و الله و محدش اختار يتولد فين و يبقي ابن مين . (( طبعا دي امينة مستحيلة و مش احنا المخاطبين بيها ده شئ مستحيل في العدم ... لانه كله بيلف يلف و يرجع يخبط في الخازوق الكبير )) 






===========

* عرفت منها انهم وقفوا تثبيت العمالة و لا حتي العقود لمشاكل قانونية لم تشرحها بشكل واضح لي ، و لكن فعلا مدير المنطقة لم يستطع افادتها خاصة أن الجميع يخلي مسؤوليته منها لان هناك احد المديرين مضي لها ورق و قبضت منه راتب شهرين ثم توقف ... و تكافلًا من العاملين بالوحدة اصبحوا يجمعوا مبلغ مالي من الجميع كل شهر ( 10 من 20 فرد ) و يكون هذا هو مرتبها مقابل ان تنظف الوحدة يوميًا . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق