تدخل مريم البلكونة لترى وردة ذابلة ، تتسائل ماذا حدث لها ، اقول لها ماتت ... تسألني لماذا تموت ؟ اقول : كل شئ بيموت ، كل شئ ينتهي و يخلص . تعرف الموت بشكل بسيط للغاية و جميل في نفس الوقت ؛ عندما نموت سنذهب لله عز و جل الذي خلقنا ، إن أحسنا فسندخل الجنة ، و الناس ”الوحشين“ هيروحوا النار ...
تطمئن كل فترة انها ستذهب للجنة ، حيث النوتللا بالبسكويت بلا عدد ... و النار بالنسبة لها هي ” عقاب“ للناس الوحشين علشان مسمعوش الكلام ... الحقيقة لا احب التمادي في وصف رعب النار ...
تعرف أن جدتها (والدتي) قد توفت و عند ربنا ، وفي مرة قالت لي نريد ان نزور تيتة عند ربنا !! طبعا هي لا تقصد شئ و لكني غضبت ( او خفت بمعني اصح ) و قلت لها اللي بيروح مبيرجعش ، لأ ... قالت و ماله مكده كده هندخل الجنة ... قلت لها قولي ان شاء الله . و توهت الموضوع .
****
اعرف الموت في والدتي ، و في الزرع الذي يذبل دائمًا ... و في كل اجزاء الحياة الضائعة التي يُغَيِّبُها من يموتون أو يختفون من حياتنا و قد اخذوا منا بعض الوقت هي قطعة منا ... أعرف انه الحقيقة الوحيدة في حياتنا ... و لكني لازلت اخشاه و لا أريد التفكير فيه انه سيحدث لي و ليس للآخرين فقط ، رغم انه حاضر دائمًا !!!
انا اخشى الالم ، نعم اتحمله خاصة هذا الصداع المزمن الذي يلازمني اغلب الوقت ، و لكني لا احبه ، و رغم خشيتي للألم و لكن كانت لابد لي من ”اصابة ” شديدة في كل ترم في الكلية ، ما بين حرق نار و حرق بارد كيماوي ( عافاكم الله ) و عض فأر او حتي مجرد ساق ملتوية ... لابد من اصابة ما . كثيرًا ما كنت افكر في اني قد ارتاح أن حدث فك لهذا الارتباط الازلي بين الجسد و الروح/ النفس ؛ كي لا اعاني إن عانت تلك المركبة الارضية التي وجدت نفسي فيها قسرا .... و ياللعجب أن الطريقة الوحيدة لفك هذا الارتباط هي الموت !!! كما ان فك هذا الارتباط بخروج الروح من الجسد هو مؤلم ايضًا كما قيل لنا .
و لكن ، هل بموتنا و تخلينا عن جسدنا سوف نتجنب الألم ؟؟؟
وصلت لتفكير صادم ، انه لربما يكون الجسد للروح كالصدفة للمحار أو الرخويات ... بدونها سوف نعاني اكثر !! سوف ننطلق لبُعد اخر لا يحده ولا يقيده ما يقيد الجسد ، ربنا تجولنا في الأبعاد السادس و السابع حتى العاشر بمنتهي اليسر و السهولة و لكان إدراكنا بالماضي و المستقبل هلامي ... ولربما أيضًا كان الألم أضعاف مضاعفة بشكل لا يمكن تجنبه مثلما كنا نفعل اثناء وجودنا داخل الجسد من نوم او وجود مسكنات او قاتلات للألم pain killer أو ما شابه ...
*****
لم يموت أحد و يعود ليخبرنا ماذا رأى ... و قطعًا لأن تلك الحياة لم تكن بالصدفة و و انه مستحيل ان تتجمع كل عوامل الحياة بهذه الدقة بالصدفة ، فمنطقيًا لابد من وجود شئ بعد الموت .
أكثر ما يفزعني بعد الالم هو الوحدة . انا اكره الوحدة بشدة رغم انها قدر جيلنا - تعقد الحياة و انعدام وجود اخلاق و تضائلها في كل جيل يأتي يجعل من فرص تكوين الصداقات صعبة للغاية ، نعم هناك رفقاء في كل مكان نرتاده يوجد رفقاء و لكن الدائرة الضيقة حولنا يصعب ملئها .... إما لتباعد الاماكن او لتغير الظروف او لتغير الافكار و الطباع .... حتي من يدخل بصعوبة حياتنا قد تحول بيننا الظروف ، و من هم حولك لا يمكنك تكوين علاقات حقيقية معهم للخوف من كل شئ .
و مع ذلك نتصبر بمن هم حولنا في الدنيا ، نحسب انه يكفينا رحم الحق كي يجمع البقية الباقية و يكون على الله التوكل ان اصابنا مكروه ليسخر لنا عبيده .
لكن في القبر لن يكون معي احد ابدًا ، لا محمول ولا نت ولا رفيق ولا أي شئ ، أي شئ ... لا يوجد سوى المجهول و وحدك ! هذه هى المادة الخام للرعب ، لايوجد دورثاني للإعادة ، ولا يوجد فرصة حتي لتهريب اي برشام :D انت وحدك و فقط :(
****
لن اتحدث عن اني لم افعل اي شئ حقيقي كي اقابل الله به ، و ليس سخافات تغيير العالم او الذم في الانسان العادي او ما شابه مكان في تفكيري ، انا متعايشة مع كوني إنسان عادي او اقل من العادي او ” اغبي العباقرة ” و أملي كبير في ان يرحمني الله عز و جل ... و احاول رضائه قدر ما استطيع في افعالي و استغفر كثيرًا كثيرًا عن كل البلاوي التي ارتكبها ، فوجودك في مصر لابد ان يُعَّلِم عليك سلبًا شئنا ام ابينا كي نستطيع العيش :(
****
الموت فعلا مرعب جدًا ، و اكثر شئ مرعب فيه انه يأتي بغته ! و ما موت الشباب منا ببعيد :((
يا رب رحمتك و حسن الخاتمة .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق