الخميس، 20 نوفمبر 2014

FB إن شاء أظهرك ، و إن شاء أخفاك

ذكرت قريبًا د. هبة رؤوف عزت تلك المقولة :


16 نوفمبر، الساعة 02:38 مساءًلا تحرص على الشهرة.. ولا السلطة ..ولا المال..
فإنك إن حرصت عليها ولم تُحصِّلها أحزنَتك
وإن حرصت عليها فجاءتك أهلَكتك
ولكن اسأل الله العافية..
واسأله ما يحب ويرضى لك..
فإنه إن شاء أفقرك وإن شاء أغناك
وإن شاء أظهرك وإن شاء أخفاك
وإن شاء وسدك الأمر وإن شاء عافاك
وإنما عليك العمل والسعي ..
والإيمان بالقَدَر..
واليقين بأن لله الأمر كله
.
والزم الرضا عن ربك في كل حال 



ما لفت نظر و جعلني اتفكر طويلًا في : إن شاء أظهرك و إن شاء أخفاك 
فكرة الظهور من شهوات النفس بحق ، فنحن نشعر بضعفنا الإنساني دومًا و نريد التغلب عليه ، هل عندما نتحدث يُسمع ما نقول ؟؟ نحب أن نُسمع و تكون لنا دائرة تأثير واسعة تعطينا قوة ... من هنا ظهرت بداية علم التسويق ، ربما يكون هذا الأمر مقبولًا للبضائع و لكنه يكون كارثي إن خالط نوايا النفس في الأعمال التي تفعلها ... هناك من يفسد عملهم كله لتداخل النوايا فيكون كالجسر يعبر الناس بعلمهم إلى الجنة ثم يقذف بصاحب العلم الذي إنتفع الناس به في النار ، فعندما يُسئل عالم في حسابه عن نيته في علمة فيقول ابتغاء مرضاه الله يقول الله له كذبت بل ليقال علي فلان كذا و كذا فقد قيل فإذهبوا به إلى النار !!! 

معنى أنه عالم أنه اوتي حظًا من العلم و العقل، و ليس حظًا فقط و لكن نبوغًا جعله ممن يشار إليهم بالبنان عبر الزمن و المكان و لكن هذا كله  لم يكن  مقياس لرضا الله سبحانه و تعالى أو لصفاء نواياه !! 

إن شاء أظهرك و إن شاء إخفاك . 

ترويض تلك الشهوة العارمة يأتي بالفهم ، فغاية أعمالنا هي رضى الله تعالى ، حتى الترفيهي منها ، الرضا بالمناسبة لا يتأتي بأن يكون الإنسان دائم التجهم دائم العبس لا يخطئ ابدًا لا يضحك ابدًا ، بل نحن بشر نخطئ و نصيب ، ننسى و نتذكر ، و لكن نحاول كل فترة ان نستفيق من سكرة الحياة و لنسأل نفسنا ماذا نفعل و لماذا نفعله ... إن كان المرء لديه بعض العلم/الحق/ الفهم اي شئ يمكن ان يقدمه للآخرين فليقدمه و لكن ليكن نيته خيرًا ...  النية هي في رأيي الفهم ، نحن في أعمالنا نثاب بحق علي ما نفهمه من اعمالنا لا ما نمارسه بحكم العادة و نحن ذاهلين ( طبعًا مستحيل ان نكون منتبهين 7/24/365 فالله لا يكلف نفسًا الا وسعها و لكن لنحاول قدر إستطاعتنا التنبه و لنذكر بعضنا بعضًا ) فلابد ان نفهم دائمًا لماذا نفعل العمل الفلاني ... هل ليقال فلان الفلاني يفعل و يكون ذائع السيط ؟ أم هل لنحاول دفع الظلم و الجهل و طلب بعض القوة بشتى السبل و كلٌ في مجاله تنفيذًا لاوامر الله عز و جل ؟؟ النية ليست شئ يلقن و لكنه خاضع لفهم كل واحد و كل حسب همته ... قد نتبادل النوايا بشكل شفهي و لكن ماالذي يستشعره القلب و العقل و يبقي بحق هو المحرك الفعلي لما نفعله من أعمال ؟؟ الله وحده أعلم ... حتى نحن قد تختلط نوايانا/فهمنا لما نفعل ... يمكن ببساطة ان نستعيذ بالله من زلل النفس و القلب و نستعيذ من تخبط النوايا أو عفلتنا عن النية الصحيحة و ندعوا الله ان يصلح قلوبنا و ينقي سرائرنا لما نفعل. 

بعد إخلاص النية ( نفهم ما نريده فعله و لماذا ) لنفهم جيدًا أن الصيت ليس مرادف القبول و ليس معيار المفاضله بين الخلق . هناك أنبياء لم يقصص الله علينا قصصهم ... هل هذا ينقص من قدرهم شئ ؟ بالطبع لا . هل يؤثر عليهم اصلًا ؟؟ هم عاشوا و توفوا و أصبحوا في علم الغيب ... معرفتنا بما حدث معهم لن يزيدهم أو ينقصهم شئ ... مثلهم مثل من قص الله علينا من الأنبياء قصصهم ... هل هم يعرفون ان قصصهم قُصت علينا من اساسه ؟؟ لقد ادوا مهمتهم و انتهت حياتهم و ادراكهم،  أما حكي الله لقصص بعض الانبياء و عدم حكيه  للبعض الآخر فهو شئ لحكمة لديه و ليس كل ما يفعله من المفترض أن نفهمه أو نستوعبه . نحن نعيش في بُعد محدود ضيق صغير جدًا و ما أوتينا من العلم إلا قليلًا . إنما نحاول أن نتلمس بعض من الحكمة و النور الإلهي مما انزله الله في كتابه و مما منحه الله لبعض عبيده ينير به طريق عباده دائمًا . 


إن شاء اظهرك و إن شاء أخفاك . 

ليست كل الشهرة محمودة ... فهناك من أشهرهم الله في قرءانه و لكنهم مذمومين عبر الزمن مثل فرعون و هامان و النمرود و قارون !! فهل هم أفضل لمجرد أنهم مشهورون ؟؟ 
و لكن لسان حال البعض يفكر مثل السفيه الذي بال في بئر زمزم فكاد القوم أن يفتكوا به فقال: أردت أن أذكر و لو باللعنات !!! 


قد تكون عدم الشهرة في مصلحة البعض ، فقد يكون كلامهم خاطئ و من النوعية التي تضل به الآخرين و يأخذوا اوزارهم و أوزار الذين يضلون دون علم منهم . و على الجانب الآخر قد يكون ظهور و شهرة السفهاء في قوم و توجيهم للرأي العام من الإبتلائات التي تبتلى بها بعض الأمم . و في تلك الأوقات يكون إعتزال الشهرة افضل كثيرًا من شهرة مشبوهة تأتي عبر بيع مبادئ لانه المجتمعات تصل لمراحل من الفساد و التحلل الاخلاقي بحيث تكون البيئة المسيطرة فاسدة تمنع الكائنات النظيفة من الظهور علي السطح ... 

ثم ان الشهرة نسبية ... الأهم في رايي أن يهتم المرء بنوعية الناس التي ستعرفه . من السهل جدًا أن يتنازل المرء عن ثوابته و أخلاقة في سبيل شهرة و سوف يشتهر و لكن عند من ؟؟ عند سفهاء الناس . كما أن المداومة على عمل حقيقي حتى و إن عرفك القلة ، سيكون انفع بحق من مجرد كلام أجوف لا عمل فيه قد يجتذب الكثيرين و لكن عند محل العمل يصدم الناس في أن اقوال البعض لا تناسب افعالهم أو حتى تناقضها !!! 

هناك البعض الصالح و الذي يُسمع الله صوته للآفاق و يكون من المقبولين في الدنيا و الآخرة .. كيف نكون مثل هؤلاء ؟؟ 
تلك هي من اقدار الله عز و جل ...و لكن صدق الطلب و صلاح النية تجعلك من المقبولين حتى و إن لم يتأتى لديك الوسائل التي تأتت للآخرين . فمن  سأل الله تعالى الشهادة بصدق بلغه الله منازل الشهداء ، وإن مات على فراشه . و رب أشعث أغبر لو أقسم على الله لأبره ... لا توجد مقاييس ثابته واضحة للقبول و هذا يفتح الباب اكثر للإجتهاد و عدم القنوط من رحمة الله . 

فلا ندري قد يُودع أحدهم في صمت وسط قلوب محبة عادية و سيرة زكية لمن تعامل معه و لكن تقام له اعراس و افراح في السماء و لا ندري ... و قد يودع آخرين الدنيا و يشار لهم بالبنان و يكون هناك تكريم دنيوي مهيب و سيط عظيم و يمنح نياشين وانواط و لكنهم في اسفل سافلين في السماء . 

اللهم إجعل هوانا في رضاك . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق