الاثنين، 12 يناير 2015

FB يوميات دورة تدريبية 2- الجودة

رغم أني فعليًا لم أعمل كثيرًا إلا اني حظيت بفرصة لا يحظ بيها الكثيرين و هي التنقل بين أماكن كثيرة متنوعة في نفس المجال ، على محافظتين مختلفتين . أدى ذلك لتوسيع مجال رؤيتي للأمر ( كأني انظر من قطاع مستعرض كامل و ليس لنقطة واحدة )
و كان أسوأ ما رايته الحقيقة هو محاولة تطبيق نظام : الجودة في مصر .


لست ضد النظام في حد ذاته ، فهو اساس نهضة و تقدم أي منشئة ... و لكن المشكلة الاساسية في العقلية التي تدير المنظومة بأكملها ، هي عقلية محدودة بالأساس ضيقة الأفق ، وجدت نفسها تسير علي لوائح و قوانين معينه لم تسأل نفسها لماذا هي كذلك و هل هي فعلًا تؤدي ( اي اللوائح ) المطلوب منها أم فقدت دورها الحقيقي ، و لا تريد تلك العقلية علاج الخلل الحقيقي العميق الكامن للمشكلة و تكتفي بالقشور السهلة . 

اثناء عملي بقسم نفقة الدولة / الصرف الداخلي ، كانت الممرضات يشكون مر الشكوى من هذا النظام . كنت أجد اشياء مضحكة للغاية لا تتناسب مع واقعنا التقشفي . فالمشكلة الاساسية للحكومة هي انها اصبحت تُقلص العمالة الثابته بها للغاية - التي لها حقوق في التأمين و المعاشات و الزيادات السنوية - فأ صبحت بيئة طاردة لصغار الموظفين أو تكتفي بالعقود التي تجدد سنويًا دون اي حقوق حقيقية مع سحل تام لمن تحت امرتها  . و من المعروف في المؤسسات المتوسطة أن فئة صغار الموظفين / العمال هم من يقوموا قغالبية الأعمال  الحقيقية ... و على الجانب الآخر و اصبحت فئة كبار الموظفين هي الاكثرية ( و هي التي لا تقوم بالعمل الحقيقي و لكنها تأخذ كل الخيرات و الإمتيازات و مثبته و لديها كافة الحقوق ) . 

نعود ، وجدت ان شكل التذكرة الداخلي تغير و كبر جدًا - و من ضمن الصفحات وصف كامل مفصل لحالة المريض و كيف دخل المستشفي و هناك وشوش ان كان سعيد ام حزين ام ما شابه ( مثل وشوش الاسمايلي فيس هاهنا ) !!! طبعًا يوجد نقص في العمالة لوجود نقص في اعتمادات الميزانية و لأنها بيئة طاردة للعمال ...فالممرضة كي تحسن أداء خدمتها لابد من ان تباشر من 4-6 سراير و لكن الوضع الحقيقي هو انها تباشر من 20- 3- سرير لوحدها !!! و طبعًا لا يوجد لديخها اي وقت لممارسة عملها لافعلي و  لكنها تقضي الوقت في تستيف الورق كي يقال انها تعمل !!! الورق الذي وضعته الجودة لضمان سير العمل هو ما يجعلها في الحقيقة لا تؤدي وظيفتها كما يجب .و ذلك لانهم يعالجون المشاكل بشكل شكلي و ليس حقيقي- فالموارد المفترض ان تذهب لإصلاح الوضع القائم تذهب لموظفي الجودة الذين يزيدون من الامر تعقيدًا في الحقيقة . 

في المحاضرتنا اعترف ان الدكتورة التي تتحدث تمتلك قليلًا من الفهم الذي اجده صفة غائبة عند الغالبية العظمي ، هي تشكو بنفسها من قلة عدد المؤهلين لديها و تريد اي شخص من عندنا لديه اي ديبلومة او دورة او اي شئ تبع الجودة . فكرت في البداية ان احاول تحسين نفسي و لكني وجدت أني سأكون رقيبة على اخرين في تنفيذ ما لا اقتنع به .
المشكلة ان الكلام من بعيد يكون شكله براقًا و جميلًا للغاية و لكن لأني رأيت حقيقة تنفيذه في المؤسسات بالفعل فوجدت انه فعلا - اي كلام و مجرد اعباء اضافية علي المكان يتحمها الافراد الذين يعملون علي الكفاف و بدون امكانيات . فمثلًا من ضمن ما ذكرت هو انه لابد من تغليف الدواء ب" إستيكر" عليه اسم المريض واسم الدواء  الجرعة و تاريخ الصلاحية !!!!
قلنا لها لا يوحد اساسا اكياس في الوحدات ... فهل سيتم صرف لنا استيكر ؟ قالت لنا اشتروا !!! كأننا نقبض مرتب محترم كي نصرف علي المكان مثلًا !!!
مثال آخر و هو الاصرار علي كتابة كيفة اخذ الدواء بالتفصيل فقلنا لها ان غالبية المرضى العظمى التي تتردد علي الوحدات لا تجيد القراءة و الكتابة من اساسه !!!
لإدارة العمل يريدو تكوين " لجنة " تظم ممثل من كل تخصص ... هذذا في رايي قد يصلح للمنشأت الطبية الكبيرة و لكن الوحدات لا يمكن ان يتم فيها فعل ذلك ... رايي ان الشئ يظهر من الحاجة إليه و ليس لانه لابد ان نفعل ذلك بغض النظر هل العمل يحتاج هذا ام لا و الا تحول الامر لإنهاك لا معني ولا لزوم له و يضر بالعمل الحقيقي و  يعطله في الحقيقة .
 عندما قالت لنا علي المتشابهات الادوية ضربت امثلة للأدوية في كندا و ليست هنا و اختصارات لا يتم استخدامها في مصر من اساسه على اساس انها اختصارات ممنوعة ... لا توجد عقلية مرنه لتفهم انه لابد من تمصير كل تلك المناهج و الاستغناء عن كثير مما لا يناسبنا حتى يمكن ان تكون جيدة و مثمرة فعلًا... و الاهم في رأيي هو تأهيل العقول و إعطاء مقابل معقول و توفير كل المستلزمات ، من ضمن ما قيل هو تخزين الادوية علي الكمبيوتر و ارسال نسخة مطبوعة لكل طبيب !! لا يوجد اي شكل من اشكال التكنولوجيا في الوحدة فلا فاكس ولا كمبيوتر و هناك تليفون بالكاد ...

من الكوارث التي اعتبرها تنميط فكري سلبي الاثر هي انها كانت تصر بشكل غريب علي فكرة " لا يوجد شئ اسمه ثقة " و لكن الثقة في الورق فقط .. رغم كل شئ لا يزال البعد الانساني ( خاصة في الشباب المتحمس ) جيد للغاية و يتم تسيير العمل كأفضل ما يكون بغض النظر عن اللوائح العقيمة . محاولة تنميط الناس علي قوالب كتابية صلبة و عدم الاعتراف بال"ثقة " الطبيعية لتسيير اي عمل (( و ليس العشم او القيم التراحمية التي تفسد النظام ، و لكن ما اقوله هو بعض الانسانية الطبيعية في التعامل )) هي ما تجعل الموظفين الكبار بهذه الحالة  المذرية و انهم عبيد اللوائح و يلغون اي امكانيات عقلية تجاوزية لديهم للإبداع الحقيقي .   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق