اؤمن أن الحب له عوامل كثيرة منها العقلية و منها خارج حسابات العقل . و في النهاية مقابلة الشخص المناسب هو شئ قدري بحت ... طبعًا تزيد نسبة الملائمة لما نملك إختيارهم ... فالصداقة و الزواج هما من ضمن العلاقات التي نملك معها إختيارًا , بعكس الأهل و الجيران الذين نولد و نجدهم حولنا مفروضين علينا , و هكذا زملاء العمل المفروض عليك التعامل معهم . لذا ليس كل من نقابل في حياتنا مفترض ان نألفهم و نحبهم بحق , لا يتنافى ذلك مع التعامل بأخلاق مع الجميع . و لكني أعني أنه هناك مستوي أعلى من الالفة و الإحساس تجاه البعض ولا نملك ان نتحكم فيه .
لذا أعتقد أن الإحسان إلي الأهل وودهم كان من الفرائض علينا حتي تستقيم الحياة , و ليس متروكًا للإختيار و الراحة فقط ... فلا يكون الود فقط من نصيب الاشخاص الأكثر تألقًا إجتماعيًا أو من يملكون "كاريزما " حيث تجمع الجميع حولهم , و يكون هناك خواء و نبذ للبعض الآخر الفقير من الناحية الإجتماعية علي الجانب الآخر . و هذا يمكننا ملاحظته فهناك أشخاص أكثر قدرة علي تكوين علاقات إجتماعية و لديهم اصدقاء كثير و سهلي المعشر و يحبهم الناس بسرعة و هناك من يعانون في تكوين صداقات جيدة و حقيقية .
أظن أنها من نعم الله أن يكون الوسط الذي وجدت نفسك فيه ( الأهل ) يوجد به من يتلائم معك روحيًا . هو شئ ليس متوافرًا للجميع و رأيت مؤخرًا نموذج لأنواع من الحب لم يتحدث عنها الكثيرين لانها لا تتوافر بكثرة حولنا و لا يخضع الأمر لإجتهاد في البحث , فإما ان يكون موجودًا أو لا .
ما أتحدث عنه هنا هو الحب الأخوي , خاصة بين نوعين مختلفين ( أخ و أخت ) كشفت لي الأزمة الإنسانية التي حدثت مؤخرًا معادن اكثر من رائعة لم أكن اتصور وجودها .
هناك من سعدت بأن رزقني الله بأن مررت في حياتهم , من ضمنهم الأخوين أسماء و د.عمار البلتاجي . و أيضًا هند و د. محمد أبو زيد . و كنت أقرب للأخيرين لذا فسأدخر الحديث عنهما لاحقًا .
نحسب أن أسماء إستشهدت يوم فض رابعة الوحشي يوم 14-أغسطس-2013 و عرفت من الحالات التي يكتبها عمار بعدها بفترة كيف كانت علاقتهما معًا . مررت في حياتهم مرور الكرام , أول مرة شاهدتهما لا أنساها , كانت زميلة تظن أن عمار خطب و أنها خطيبته!! ثم عرفت فيما بعد أنها أخته , لتتخيلوا كيف كان التعامل يفيض رقة و عذوبة و إجلال لدرجة أن تظن تلك الزميلة و تهمس لي بكونها - خطأ - خطيبته !! لسنا معتادين علي هذا الأسلوب بين الإخوة و الأخوات .
لم نتعامل الا بشكل عابر للأسف , و ساهم في البعد أكثر إبتلائي بالغربة ... و لكن عندما تصفحت تاريخ الصداقة علي الفيس وجدت كم كانت رقيقة رحمها الله , هنأتني بمولد إبنتي , و ارسلت لي محاضرات مهمة في التربية !!! كم كانت خلوقة و تتخير هداياها و تحاول ان تكون مفيدة . رحمها الله و رضي عنها و أرضي عنها ... لله الحمد قدر الله لي أن تكون متواجدة في القاهرة و صليت عليها صلاة الجنازة كانت مهيبة للغاية و مليئة بالحزن .
عرفت درجة انفطار قلب أخاها مما يكتبه . هو رابط الجأش و يعبر عن وجده بطريقة غاية في الرقي و الصبر , يذكرها و كيف كانت ذكية دراسيًا و متفوقة و دمثة الخلق , كيف كانت صوامة و قوامة , كيف كان لديها فكرها الأنضج منه علي حد قوله , كيف كانا يتبادلا الحديث معًا في غرفتهما , و كيف أنه كان مقصرًا معها و كانت ترعاه و تشعر به حتى دون حديث .
اشعر بحزنه حتي و إن لم يكتب مباشرة عنها , أتلمس اوجاعه من تلك الصورة البيضاء التي اصبح يضعها كصورة رمزية له , لم يعد يتفاعل كما كان السابق مع الآخرين , ليس كبرًا و لكن وجعًا و ألمًا و لأن الدنيا هانت لديه . أعتقد أنه أصبح يكتب ويوجه حالاته لفئة قليلة و ليست العامة لان ليس الكثيرين يمكن أن يصلهم وجعه .
من اصعب الأشياء علي الرجل الحر أن يصاب في نساؤه . كن أم أو أخت أو زوجه ... و رغم قلة تعاملي مع تلك الأسرة الا انه علي قلتها , لك شعرت بدماثة الخلق و حياء هذا الشخص . من تعامل معي يعرف أني أجيد الحكم علي الشخصيات جيدًا .
سانقل بعض مما كتبه علي صفحته الخاصة , و التي جعلها فقط للاصدقاء و اشرف أن اكون من ضمنهم , لكنه قال ان حقوق الطبع غير محفوظة , علي أيه حال لن يأتي هنا إلا من ساقه قدره و ليست هي الا صفحة شبه خاصة :)
كتب الدكتور بشير نافع -المؤرخ- يوم استشهاد أسماء : أسماء البلتاجي استشهدت قبل قليل. والله لم أرَ فتاة أكثر منها رقة ودماثة وخلقاً .. 21 نوفمبر
لذا أعتقد أن الإحسان إلي الأهل وودهم كان من الفرائض علينا حتي تستقيم الحياة , و ليس متروكًا للإختيار و الراحة فقط ... فلا يكون الود فقط من نصيب الاشخاص الأكثر تألقًا إجتماعيًا أو من يملكون "كاريزما " حيث تجمع الجميع حولهم , و يكون هناك خواء و نبذ للبعض الآخر الفقير من الناحية الإجتماعية علي الجانب الآخر . و هذا يمكننا ملاحظته فهناك أشخاص أكثر قدرة علي تكوين علاقات إجتماعية و لديهم اصدقاء كثير و سهلي المعشر و يحبهم الناس بسرعة و هناك من يعانون في تكوين صداقات جيدة و حقيقية .
أظن أنها من نعم الله أن يكون الوسط الذي وجدت نفسك فيه ( الأهل ) يوجد به من يتلائم معك روحيًا . هو شئ ليس متوافرًا للجميع و رأيت مؤخرًا نموذج لأنواع من الحب لم يتحدث عنها الكثيرين لانها لا تتوافر بكثرة حولنا و لا يخضع الأمر لإجتهاد في البحث , فإما ان يكون موجودًا أو لا .
ما أتحدث عنه هنا هو الحب الأخوي , خاصة بين نوعين مختلفين ( أخ و أخت ) كشفت لي الأزمة الإنسانية التي حدثت مؤخرًا معادن اكثر من رائعة لم أكن اتصور وجودها .
هناك من سعدت بأن رزقني الله بأن مررت في حياتهم , من ضمنهم الأخوين أسماء و د.عمار البلتاجي . و أيضًا هند و د. محمد أبو زيد . و كنت أقرب للأخيرين لذا فسأدخر الحديث عنهما لاحقًا .
نحسب أن أسماء إستشهدت يوم فض رابعة الوحشي يوم 14-أغسطس-2013 و عرفت من الحالات التي يكتبها عمار بعدها بفترة كيف كانت علاقتهما معًا . مررت في حياتهم مرور الكرام , أول مرة شاهدتهما لا أنساها , كانت زميلة تظن أن عمار خطب و أنها خطيبته!! ثم عرفت فيما بعد أنها أخته , لتتخيلوا كيف كان التعامل يفيض رقة و عذوبة و إجلال لدرجة أن تظن تلك الزميلة و تهمس لي بكونها - خطأ - خطيبته !! لسنا معتادين علي هذا الأسلوب بين الإخوة و الأخوات .
لم نتعامل الا بشكل عابر للأسف , و ساهم في البعد أكثر إبتلائي بالغربة ... و لكن عندما تصفحت تاريخ الصداقة علي الفيس وجدت كم كانت رقيقة رحمها الله , هنأتني بمولد إبنتي , و ارسلت لي محاضرات مهمة في التربية !!! كم كانت خلوقة و تتخير هداياها و تحاول ان تكون مفيدة . رحمها الله و رضي عنها و أرضي عنها ... لله الحمد قدر الله لي أن تكون متواجدة في القاهرة و صليت عليها صلاة الجنازة كانت مهيبة للغاية و مليئة بالحزن .
عرفت درجة انفطار قلب أخاها مما يكتبه . هو رابط الجأش و يعبر عن وجده بطريقة غاية في الرقي و الصبر , يذكرها و كيف كانت ذكية دراسيًا و متفوقة و دمثة الخلق , كيف كانت صوامة و قوامة , كيف كان لديها فكرها الأنضج منه علي حد قوله , كيف كانا يتبادلا الحديث معًا في غرفتهما , و كيف أنه كان مقصرًا معها و كانت ترعاه و تشعر به حتى دون حديث .
اشعر بحزنه حتي و إن لم يكتب مباشرة عنها , أتلمس اوجاعه من تلك الصورة البيضاء التي اصبح يضعها كصورة رمزية له , لم يعد يتفاعل كما كان السابق مع الآخرين , ليس كبرًا و لكن وجعًا و ألمًا و لأن الدنيا هانت لديه . أعتقد أنه أصبح يكتب ويوجه حالاته لفئة قليلة و ليست العامة لان ليس الكثيرين يمكن أن يصلهم وجعه .
من اصعب الأشياء علي الرجل الحر أن يصاب في نساؤه . كن أم أو أخت أو زوجه ... و رغم قلة تعاملي مع تلك الأسرة الا انه علي قلتها , لك شعرت بدماثة الخلق و حياء هذا الشخص . من تعامل معي يعرف أني أجيد الحكم علي الشخصيات جيدًا .
سانقل بعض مما كتبه علي صفحته الخاصة , و التي جعلها فقط للاصدقاء و اشرف أن اكون من ضمنهم , لكنه قال ان حقوق الطبع غير محفوظة , علي أيه حال لن يأتي هنا إلا من ساقه قدره و ليست هي الا صفحة شبه خاصة :)
كتب الدكتور بشير نافع -المؤرخ- يوم استشهاد أسماء : أسماء البلتاجي استشهدت قبل قليل. والله لم أرَ فتاة أكثر منها رقة ودماثة وخلقاً .. 21 نوفمبر
للتوضيح فقط لا لشيء آخر .. لم تكن أختي الشهيدة أسماء من الاخوان/الأخوات ولا معارضة لهم وكان لها فكرها الخاص وهو متأثر ولا شك بحسن البنا وسيد قطب ولكنه مركب ومنفتح على الكثير ممن عداهما .. ولم تكن مؤيدة للرئيس مرسي ولا معارضة له ولكن كانت ناقدة لبعض سياساته ومواقفه وخطاباته ومؤيدة لشرعيته وحقه في اتمام فترته وهذا كان سبب نزولها لرابعة مشفوعاً بالموقف الأخلاقي والديني والوطني والانساني ، ولم تكن تحب بحال من الأحوال أن يُستخدم أياً من مواقفها للتدليل على صحة موقف معين ولا تخطئته أو تأييد أحد أو الانتقاص منه.. وقالت صراحةً أنها ترفض عبارات من قبيل "شهيد الشرعية" ، "شهيد الثورة" ...الخ
هذا حقها وواجبي للتوضيح .. وأرجوا أخذه في الاعتبار حين الحديث عنها .. 21 نوفمبر
تكفي صورة كهذه أو مشهد أخ يوصل أخته للمدرسة ذات صباح مشرق لتجدد الشجن كله مرة واحدة .. من كان له أخت فليرعاها ويكرمها ويحميها بدمه أو بكل ما يملك .. لم أندم على شيء قدر ندمي على دمي الذي لم يسفح فداها أو روحي التي لم تزهق لها ! لو كنت أملك أو أختار !
تكفي صورة كهذه أو مشهد أخ يوصل أخته للمدرسة ذات صباح مشرق لتجدد الشجن كله مرة واحدة .. من كان له أخت فليرعاها ويكرمها ويحميها بدمه أو بكل ما يملك .. لم أندم على شيء قدر ندمي على دمي الذي لم يسفح فداها أو روحي التي لم تزهق لها ! لو كنت أملك أو أختار !
حين يقتل انسان آخر فإنه يقوم بفعل آلي يتعارض وانسانيته ويتناقض مع أخلاقيته .. فيلزمه ثلاث عمليات تبرير أولية قبل أن يمارس القتل ..
التكفير .. بتجريده من الدين الذي هو صنو الانسانيّة إذ الانسان كائن ديني أو كائن متديّن ..
التخوين .. بتجريده من الوطنيّة والانتماء .. إذ الانسان كائن وطني أو كائن منتمِ ..
ثم التجريد من البشريّة والإنسانية ذاتها وتحويله في العقل والخيال لحيوان مادي .. (مثل وصفه بالخروف/أو الجرذان/الصراصير ... ؛ والمعروف أن الخروف هو حيوان مهيئ للذبح)
وعليه ..
تقوم نخبة الديانة الزائفة والأصالة المدعاة والتراث المكذوب بدور التكفير .. فهي تقوم بتكفير مناوئي الانقلاب أو رميهم بالخروج والمروق كما فعل علي جمعة وتابعيه من شيوخ الانحطاط ..
وتقوم نخبة السياسة الزائفة والحداثة المدعاة والديمقراطية الوهمية والوطنية المكذوبة بدور التخوين .. فتعتبر مناوئي الانقلاب خونة وعملاء وطابور خامس وباعوا البلد وتعاونوا مع قوى الشر العالمي .. كما تفعل الصحافة والأحزاب المصرية ونخبها السياسية ..
وتقوم النخبة الاعلامية بممارستها التحريضية بدور التعبئة والحشد لمواجهة هذه الكائنات "اللابشرية" ومن ثم يمكن ممارسة عملية القتل ..
هذه عمليات ممنهجة تتم حتى يسهل على هذا الجندي/الأداة/الآلة أن يتماهى تماماً مع سلاحه ويتحول لأداة قتل لا آدمية تمارس دورها باحترافية ومهنية مجرّدة عن أي عواطف أو قيم أو أفكار أو معتقدات أو إيمان .. 21- نوفمبر
يقتلون أطهر الناس وأشرفهم وأكرمهم وأعلمهم وأزكاهم وأطيّبهم لئلا يبقى في الناس سوى شرارهم وأضعفهم إيماناً وأحطهم خلقاً وأوضعهم نفساً .. فيستقيم الانحطاط مع الانحطاط وتتسق الوضاعة والوضاعة ..
يعتقلون أنشط الناس وأحسنهم جهداً وبذلاً وفعالية وأصلحهم وأفضلهم سعياً واصلاحاً واجتهاداً ورأياً .. لئلا يبقى في الناس سوى خاملي الذكر الجهلاء الأدعياء الأغبياء الحمقي أتباع كل ناقع .. فتستقيم الجهالة مع الجهل والخمول مع الفساد ..
يصادرون الأرواح والمهج والقلوب والعقول .. لأن مشروعهم معادي للأرواح الطيّبة مناوئ للقلوب المخلصة مضاد للعقول الرشيدة .. فكل عقل وقلب وروح باقِ هو خطر محتمل وعدو أكيد .. 21 نوفمبر
أختي الشهيدة .. هذه العبارات مُرسلة إليكِ حيث أنتِ ..
لم أنعم بصحبتكِ طويلاً .. كنت أؤمل أن أرعاكِ وأحوطكِ وأشملكِ وأفرّق نفسي عليكِ وأفتديكِ بما يليق بمنزلتكِ عندي ومكانتكِ لديّ .. أدري أني قصرت كثيراً في صحبتك .. لم أنشغل عنكِ طوعاً ولا قصداً أبداً .. مسنى الهم باكراً وكنت أشعر منذ الصغر بمحنة كبيرة ومصيبة جليلة تنزل بي وتكاد تفتك بي .. لم أستشرفها وحاولت أن أعد لها ما ظننته يفي بحقها .. لم أكن أدري أن مصيبتي ستكون فيكِ لم أحسب أن وجعي وألمي سيكون عليكِ .. عزائي أني أخبرتكِ قبلاً أنكِ أغلى الناس وأعلاهم لديّ منزلةً ومكانة ووالله لم أكن صادقاً في دعوى كصدقي في هذه .. يا أخيّتي التقيّة النقيّة الصافية الحييّة الرقيقة .. قد وهبت ما بقيّ من حياتي لكِ أنهل من طيفكِ الجميل ونوركِ الجليل وذكراكِ الطيّبة وأهتدي بمعيّة صوتكِ الباقي في أذني وبسمتك الهادئة وملامحكِ الرقيقة الباقيين في عيناي .. كلماتكِ المرسومة في الدفتر وحرفكِ المنقوش على اللوح وذاكرة أشياء جمعتنا سوياً في طريق واحد أو طريقين متقاربين أو سبلٍ متفرقة! .. تعرفين أني لا أكاد أظفر من هذه الحياة برفيق يجمع السر ويشغل الفكر .. قد كنت أرجوا أن تكوني صاحبي وأعوّل أن تكوني موضع سري وفكري .. حين مسني سوء وأصابني ضر كانت نظراتك ملؤها الرحمة والسكينة وعيناكِ يملآني باللطف والسلام .. تعرفين معاناتي .. فهل دريتي أن طلعة محياكِ وجلال روحك وعذب صمتك وحديثك كانوا خير زاد لي في المسير .. تدرين أني أفتقد الآن لكل شيء تقريباً إلا ذكرى لطيفة من خيالكِ الباقي يصلاني بلطف الله ورحمته ورحمانيته ورعايته وعنايته .. والله ما عرفت منكِ إلا الكرم والحب والعطاء والبذل والرفق واللين وحسن الخلق وطيبة القلب وسلام النفس ونقاء الروح وصفاء الذهن وحدة العقل وجودة الفكر وذكاء الوجدان وصدق الفراسة وطلاقة اللسان وحسن البيان وجمالٌ يعلوه نورٌ وضّاء ودلال طفل لم يزده العمر إلا نقاوةً وبهاءَ .. حين حملتكِ ليلة رحيلك ذكرت ليلة مولدكِ السعيد .. سبعة عشر عاماً من اللطف لن تنقضي إلا بلطفٍ جديد .. لا أحسبكِ تعلمين شيئاً عن فضلكِ عليّ .. لا شيء يعدل وجدي بك وتوجعي عليكِ .. أشهد وقد جلت البلدان وقرأت الزمان أني ما عرفت شبيهاً بكِ في الخصال ولا دريت نظيراً لكِ في الخلال .. لم يكن يليق بكِ سوى هذه الخاتمة الحسنة وهذه الكرامات الجليّة البيّنة .. قد كنت أخشى عليكِ باكراً من أثر الواقعة وحاولت التمهيد لها حتى أتتني الفاجعة .. أعرف أن مثلكِ يصعب عليه تصوّر الشر فضلاً عن تخيّل وجوده فكيف بمواجهته ومعاينته وشهوده ! .. يارب .. صبري عليها هو وسيلتي إليك ، ووسيلتي إليها ..
هل تعرفين شغفي بمراقبة حركة الشمس والقمر والنجوم وتصور دوران الأرض .. ولهفي بطيف أسماء ..
أكتمل البدر الليلة .. مرة أخرى ..
تدرين .. كلما مر طيفكِ بخاطري وجرى ذكركِ على قلبي واسمكِ على لساني وأسترجع السمع صوتكِ العذب أصابتني رعدة وغشيتني دمعة ومستني سكينة وغمرني لطف ! .. تدرين .. طيفكِ لا يمر بي لأنه لا يفارقني ! .. 19- سبتمبر
رفقاً بروحي يا ربة الحزن الجميل وبسمة الصبر الجليل..أعيتني الحروف عن التصبر بالفجيع..ألقني في اليم لألقى سكينة التابوت وأحرق عجل السامريّ.. 25- أغسطس
رفقاً بروحي يا ربة الحزن الجميل وبسمة الصبر الجليل..أعيتني الحروف عن التصبر بالفجيع..ألقني في اليم لألقى سكينة التابوت وأحرق عجل السامريّ.. 25- أغسطس
على هامش الوجود ، أو حافة الخلود .. !
--
تذكرين .. كنتِ في السادسة إلا قليلاً .. عدت بكِ من الحضانة البعيدة .. سألتكِ .. هل تذكرين اليمامة ؟
أبكيك لو نقع الغليل بكائي
وَأقُولُ لَوْ ذَهَبَ المَقالُ بِدائي
وَأعُوذُ بالصّبْرِ الجَميلِ تَعَزّياً
لَوْ كَانَ بالصّبْرِ الجَميلِ عَزائي
طوراً تكاثرني الدموع وتارة
آوي إلى أكرومتي وحيائي
كم عبرة موهتها باناملي
وسترتها متجملاً بردائي
أبدي التجلد للعدو ولو درى
بتَمَلْمُلي لَقَدِ اشتَفَى أعدائي
ما كنت أذخر في فداك رغيبة
لو كان يرجع ميت بفداءِ
فَارَقْتُ فِيكِ تَماسُكي وَتَجَمّلي
ونسيت فيك تعززي وابائي
وَصَنَعْتُ مَا ثَلَمَ الوَقَارَ صَنيعُهُ
مما عراني من جوى البرحاءِ
كانت توقظني كل صباح بصوتها المتهدج الرقيق بين الكروان والعصفور ، بنت على حافة النافذة عشاً دائرياً منتظماً من القش البنيّ .. كانت يمامة واحدة رافقتنا ورحلت .. بكيتِ أنت يوم أكتشفتِ فقدها .. وواسيتكِ حينها بعصفور رمادي صدته بعد الفجر من شجرة صغيرة على ضفة النيل القريبة .. في اليوم التالي طار العصفور .. فأتيتَ لكِ بكتكوت أصفر صغير لا يطير .. !
--
قَدْ كُنتُ آمُلُ أنْ أكونَ لكِ الفِدا
مِمّا ألَمّ، فكُنتِ أنْتِ فِدائي
وَتَفَرُّقُ البُعَداءِ بَعْدَ مَوَدَّة ٍ
صعب فكيف تفرق القرباءِ
تعرفين .. أنا أحب الفأل الحسن ، كان أحسنه حين أصبح على وجهك الصبوح يوقظني بخفة ورقة طفولية ضاحكة .. أجمل لياليّ تلك التي ذاكرنا فيها سوياً .. أجمل ذكرياتي يوم مولدكِ ، ويوم مولدكِ الثاني .. حملتكِ على يديّ يوم مولدكِ ، وحين حملتكِ على يديّ يوم مولدكِ الثاني اختلطت دمانا مرة أخرى ومست جروحي جرحكِ الدامي غير أن روحانا لم يكونا معاً هذه المرة .. كنت تحلقين في حواصل طيرٍ خضرٍ ، وبروحي حينها ما تعلمين ! .. أحب الناس إليّ بعد والديّ هو أنتِ ثم أنتِ ثم أنتِ .. غير أني بليتَ بالكتمان كما تدرين.. تدرين أيضاً .. بليتُ بالصمت عن الذكريات .. غير أنها محفورة بعمق لا تفارقني لحظة .. لا أكاد أنسى من ذكرياتي معكِ شيئاً .. هذا الزمان قد استدار داخل قلبي .. حين أبصرت عينيكِ الرماديتين آخر مرة ..
--
بواكير العام 1996 .. مستشفى اليمامة بالرياض ..صفرة تميل للبياض من أثر الشمس اللاهبة .. الهلال الأحمر يشير للأعلى على غير طبع الأهلّة التي تشير جانباً .. عاد أبواي من الحج ، وفي رحم الأم أنتِ .. قضيتِ المناسك وطفتِ بالأشواط وسعيتِ بلا مشي ! .. هكذا عجّل الله لك أمنيّتكِ قبل منيّتكِ وقبل مولدكِ .. نوّلك الله كل تشائين يا حبيبة .. اعذريني قد عرفت خبيئتكِ وسرك المكنون كان بادياّ جلياً ..
--
رُزءانِ يَزْدادانِ طُولَ تَجَدّدٍ
أبَدَ الزّمَانِ: فَناؤها وَبَقائي
من يوم مولدكِ الأول ، وحتى مولدكِ الثاني .. هذه نجوم السماء قد ضلّت مواقعها وآثرت أن تصير إلى بين ترابكِ الزاهي ..
--
يا عشق القلب وصفوة الفؤاد وتوأم الروح وقرة العين وسلام النفس وجمال الطفولة ودلال الأنوثة ولطف السماء وحنان الأمومة .. هبيني بعض آثاركِ النديّة .. أمهليني ألثّمُ ذكرياتكِ رضيعة فطفلة فصبية ففتاة .. يا زهرة في الترب بين المقابر ، سأرويكِ بأدمعي وأحوطك بأنفاسي وأرتمي أطهر روحي بطهر ترابكِ العبق بالشهادة وأحمل نعشكِ بروحي ، وأرمق بلا دمع بقية الحلم الجميل قد تكحّل بالتراب وتخضب بالدم.. إلى حين يأذن الله ..طبي نفساً .. فالموت فاتحة الخلود .. ومتى مات حزني ووجدي ؛ فالله حيٌّ لايموتْ
--
لكِ الروح ، وخفقان القلب المكلوم .. وبقية ما أملك من التجلّد والصبر .. يا ويلهم ..
أتوسل إلى الله بحبكِ يا شهيدة .. نوّر لي في قبري يارب .. من ضياء قبرها الضحوك الوضّاء ..
أستودعكِ الرحمن الكريم .. يا حبيبتي .. 22- أغسطس
مناجاة الليلة:
"اللهم بسطوة جبروت قهرك، وسرعة إغاثة نصرك، وبغيرتك لانتهاك حرماتك، وبحمايتك لمن احتمى بآياتك، وحفظك لمن لجأ لجنابك، وانتقامك ممن هتك أستارك، وجبرك لخواطر المنكسرين من أوليائك، وقهرك لكل جبار عنيد من خلقك، وقدرتك على كل مخلوقاتك في سمائك وأرضك، يا ملك الملوك، ومالك الملك والملكوت، يا صاحب 'كن' فيكون، تقبل شهداءنا، واشف جرحانا وجراحنا، وفك أسرانا، واجبر كسرنا وضعفنا وقلة حيلتنا وهواننا على الناس، أنت رب المستضعفين وأنت ربنا، انتقم ممن لا نقوى عليه وحدنا، واقطع يديه كما دعا على نفسه وجنده، عاجلاً لا مؤجلا، وأرنا كرامات الشهداء في ليلتنا هذه قبل فجرنا، يا هازم الأحزاب، يا رب الأرباب، يا سميع دعوة المظلوم المكلوم، وسامع نجوى كل خفي مخموم، ومفرج كل كرب عظيم وهم كبير وبلاء شديد، نستغيث برحمتك التي وسعت كل شيء، ونتوسل إليك بكل وأسمى وأغلى ما يتوسل به إليك، يا غياث المستغيثين، وغوث ونجاة المؤمنين، لا حول لنا ولا قوة إلا بك، ولا ملجأ منك إلا إليك، عجل اللهم بفرجك، يا الله العجل العجل، فقد بلغت منا القلوب الحناجر، يا الله العجل العجل، فقد ضاقت بنا الأرض بما رحبت، يا الله العجل العجل، فقد انفطرت منا القلوب، وعجزت عن التدبير الأيادي والعقول، فيا رب... دبر لنا فإنا لا نحسن التدبير، واكشف هذه الغمة بحولك وقوتك وجبروتك وقهرك ورحمتك."18- أغسطس
لأسماء روحي..أو ما تبقى 16- أغسطس