الأحد، 26 يناير 2014

سن النضوج !


أعماني الإكتئاب عن أوقات جميلة , و لكن لله الحمد أن استفقت و لم يلتهمني .

لم يتغير شئ حقيقًة و لكن ما تغير هي نظرتي للأمور , كنت اكره عيد ميلادي لانه يذكرني دائمًا بالفشل ... و لكن لا ادري لماذا أصبحت أنظر للأمر بشكل إيجابي و هذا فرج عني كروب كثيرة 


عندما كنا في الكلية كان العمر يتأثر بالعام و يتضح الفرق جيدًا مع كل سنة , السنة الدراسية تفرق و من يكبرونا بعام فقط نراعم عماليق و من يصغرونا بعام فقط نراهم اقزام !! 


تغيرت تلك النظرة النفسية كثيرًا بعد التخرج ... فقد صاحب التخرج نفسه صدمة اولي , لم يعد للعام نفس ضخامته و نفس قدرته التشكيلية التي ينحتها مرور عام في نفسيتنا ... الأمر إختلف , فقد تساوت الرؤوس نسبيًا و اصبح الكبر للحكمة و رجاحة العقل في المقام الأول - لذا لم يصعب علي اقامة صداقات مع من يصغرنني ب حوالي سبع سنوات و أيضًا مع من يكبروني بخمس سنوات !!! لم يعد للعمر القيمة الكمية التي كان لها من قبل . بل التأثر بالأرواح و النفسيات أصبح أقوى كثيرًا , ربما كان الفيس الذي اُطل عليه علي غالبية العلاقات حاليًا أثر في إذابة تلك الثلوج العمرية ... و لكن يظل الإحترام هو مقياس البشر و أصالة معدنهم حتى و إن تباسط المرء في علاقاته و لم يحيطها بسياج من التعقيد . 

لي من وقت تخرجي حوالي 7 سنوات - و من وقت تركي للمدرسة حوالي 12 عام !! أي أنه من دخل المدرسة بعد تخرجي أصبح شابًا يافعًا و دخل الجامعة !! لقد مرت دورة جيل , حتى لأري شباب ولدوا في منتصف التسعينات - نحن من مواليد أوائل الثمانينات -  يتعاملون معنا ببساطة !!! بل إن من نحتسبها شهيدة ( أسماء البلتاجي) كانت من مواليد 96 !!! ماهذا لقد مر العمر فجأة 

الخبر الجيد انه لم يزل المرء في ريعان شبابه و لم يصبح بعد من الجيل القديم الذي لا يقتنع أحد بكلامه لخروجه من الزمن , إنها حقًا سن رائع لسنا بالكبار و لسنا بالصغار و لكن يمكن ان نقول اننا في مرحلة نضج الشباب . لابد من استيعاب تبعات تلك المرحلة الجديدة , و ادعو الله ان لا تفارقني إنطلاقة الشباب و مرح و خيال الطفولة ... 

ما جعلني استشعر ذلك استشارة 3 فتيات كريمات لي في بعض امور حياتهن ... ربما لا اعرفهن و لكنهن يعرفني من الفيس , و بشكل عام لست ممكن يرد أحد احتاجه طالما استطعت تقديم ما يريد . الفكرة اني في البدء قلت لماذا تستشيرني الفتيات ؟؟ ليس لدي شئ اقدمه . و لكن بعد فترة تذكرت كلمة قالها لي الاستاذ أبو العلا ماضي ( فك الله اسره و رده لأسرته الكريمة ) فقد كنت اتحدث معه بعد تخرجي و قلت له كيف الطريق ؟ فقال لي لن يكف المرء طالما ظل علي قيد الحياة عن التعلم . و لكنه في نفس الوقت سيعلم ما تعلمه ( حتي لو كان تافهًا في نظره ) للآخرين . لذا تكون عملية التعليم و التعلم مستمرة و دائبة . لن يصل المرء بعد مرحلة معينة علمية او بعد وصوله لسن معين ان يقول انا وصلت لانقل العلم لغيري , هذه رؤية قاصرة و تضيع علي المرء وقت لانه ببساطة الانسان لا يضمن عمره في ان يصل لما يريد , و الإنسان الصادق مع نفسه عمومًا لن يرضى عن نفسه ابدًا . لذا فالحل ان يعلم ما يتعلم و يستمر دائمًا في التعلم و لا يبخل بمعلومة ابدًا . 

صدق , من اسباب تخلفنا الإجتماعي عمومًا عدم تواصل الأجيال , لانه طبيعي ان يعلم كل جيل ما وصل اليه و ينقل خبرته للجيل الذي يليه و مهمة الجيل الجديد ان يملك رؤية نقدية لما وصل إليه ...  ينقح الرؤية و يضيف علينا ما استجد و يحذف ما لم يعد صالحًا و من هنا يأتي التراكم المعرفي و الإجتماعي . لكن البناء من الصفر يكون مرهق للغاية و يستنزف العمر و تفاجئ بعد مضي الوقت ان تلك النائج معروفة عند الآخرين و لم يضيعوا وقتهم و عمرهم في إكتشافها !!!

نعم انا لست شئ يذكر . و لكن حتى إن كنت لا شئ فلأقوم  بدوري كمجرد لبنة بسيطة تنقل العلم البسيط الذي حصلت عليه . لا يدري المرء أي من كلماته التي قالها قد وقعت في نفس أحدهم موضع حسن فغيرت بها حياته للأفضل . و أعتقد أن المرء لو صلح في المحيط الصغير المتواجد فيه لكان هذا خيرًا له . إن اراد الله منه دور أكبر فأهلًا به و لكن إن لم يكن فلا يكلف الله نفسًا الا وسعها و هذا الجزء الصغير هو ما سأحاسب عليه , فلأتقنه حتي لا أكون من ضمن شعب الهواة الذي لا يجيد اي شئ و يقضي حياته كلها ( نصف نصف )