السبت، 24 أكتوبر 2015

أصبحت اقبل بنفسي أخيرًا

منذ زواجي ثم انجابي اخترت اعتزال الحياة طواعيًة , ربما لوضعي معايير صعب تواجدها ... و لعندي للاسف و لكني رضخت للامر الواقع في النهاية

أخيرًا تقبلت نفسي بالوضع الجديد ، كوني فتاة ثلاثينية و زوجة و ام لفتاة جميلة ... كانت تلك الاشياء مريعة فيما مضي لا ادري لماذا ... حنيننا لكوننا كبار ، في مرحلة ما قبل الحب و الترقب لكل تلك المشاعر الجميلة و بداياتها المرحلة الجامعية بكل إنطلاقها و حيويتها ( و سذاجتها ) في تغيير العالم و اننا سوف نفعل ما لم يفعله السابقون و سوف نُبهر اللاحقون .

تقبلت اني اكبر و لم اعد تلك الطالبة اليافعة ، الجميل انه لايزال لدي اصدقاء من مختلف الأعمار ، أصدقاء حقيقيين تأنس روحي بوجودهم حولي و افرح بهم ، يطلبو المشورة و اتلمس تلك الاحاسيس الجميلة في البدايات دون تسلط .. كأننا لازلنا نواجه الحياة معًا و نترقب ردود الافعال .. تلك النوعية من الصداقات صعبة كبقية الصداقات و لكنها تجدد الروح ... يرزقني الله كل فترة بمن يعجبني عقلهم و اشعر بتجدد الحياة معهم .

مع تغير موقعك في المسؤولية من آخذ للدعم و المال و الإهتمام و كل شئ ، للمسؤول و المعطي و الملزم بتوفير الحاجات ... تتغير اولوياتك . نعم وصلنا لنهاية المطاف و اصبحنا نعمل و ننتظر يوم الأجازة و نبتأس بعد إنتهاء عطلة نهاية الاسبوع ... اصبحنا نحسب كل قرش من اين سيجئ وفيما سننفقه و يزعجنا غلو اسعار الطماطم و البانيه و تكون هناك غرامة الحضانة كل اول شهر .

وقفت مع نفسي .. هل هذه الحياة التي اريدها فعلًا ؟؟


الحقيقة انني كنت اضجر بالالتزام .. أحب الحرية دائمًا ، السفر و الخروج الدائم .. ،  لكننا نتقدم بالعمر شئنا ام ابينا ، و صحيح ان مرحلة بداية الشباب مهمة ، و لكن رفض ما بعدها لن يوقف الزمن . تصالحت مع نفسي و قلت لأغتنم هذا العقد قبل ان تباغتني الاربعينيات ( و لو اني اريد لقاء ربي قبلها و لكن لا بأس ان شاء غير ذلك ) فلنستمتع قليلأ بكوننا لازال لدينا بقية صحة و بعض المرح حتى لو دخلت الروتينية المقيته للحياة . عندما اضجر من تلك الحياة اتذكر لو استغنيت عنها و لم توجد من اساسه ... لأستشعر النعمة المحيطة بي .. كما ان الجمال في تلك التفاصيل الصغيرة ، كلما نكبر كلما تزداد احلامنا بساطة ... فقط نريد ابسط بديهيات العيش و سأكون شاكرة ( هذا عزيز في بلادنا للاسف ) تأمل ابي العزيز الي اصبحت ادرك معزته اكثر عندما انجبت ، و هو يتأمل حفيدته و التي اشعر انها جددت قلبه و حيويته بعد ان اصيب بالإكتئاب و اخفى علي و اخي بعد وفاة رفيقة عمره كي لا يؤثر علينا سلبًا ... وجود نافذة شرقية استطيع رؤية السماء منها و التأمل لوقات عديدة لا حد لها .. هناك اشياء بسيطة في وجودها و لكنها تبعث علي بهجة حقيقية .

في عصرنا الحالي هناك تعظيم لفترة الشباب و بدء الوقوع في الحب فالزواج  دون النظر للتبعات التالية ... فكان الحلم الاساسي ان نظل في تلك المرحلة " الشباب الدائم " فلا شئ يغري بالكبر و ليس هو الميزة النسبية ... و من هنا اطلت عمليات التجميع و اصبح نجوم الفن و الغناء لا يكبرون و يسببون احباطًا للجميع انهم لا يتقدمون بالعمر و يعيشون اسطورة الشباب الدائم .
في العصر السابق كان الكبر شئ هام ، هو يضمن لك مكانة في الاسرة الممتدة لا يمكن ان تحصل عليها بدون العمر ، المرأة كانت عزوتها في ابنائها و الرجل هكذا ليكون سيد قومه .. كانت المرأة هي الآمرة الناهية على ابنائها و قد يصل تسلطها لتختار لهم زوجاتهم و تكون الملكة المتوجة في بيتها و زوجة الابن لها طريق طويل  من العمر لابد ان تنتظره كي تمارس نفس الدور و تنخلع من تلك العبائة .. و الرجل يكون مع كبر في السن قد اصبح الشيخ الذي يؤخذ برأيه و الحكيم العائلة . الامر له صلة بالمجتمعات التقليدية و العائلة الممتدة ( هذا في الماضي البعيد ) أما الان فنحن في طريق التخلي عن كل مسؤولية في سبيل المتعة الشخصية لأننا لا نعيش الا مرة واحدة فقط ( يدرك المرء كلما كبر ان الزواج اساسي لان الجميع ينفض من حوله للسعي خلف لقمة العيش و يبقي المرء وحيدًا مفردًا . و لكن لا يمتد الامر للاسرة الممتدة السابقة لعوامل كتيرة مختلفة و تظل الاسرة النووية هي النهاية فلا توجد مزايا العائلة و يكون الهدف هو الحفاظ علي الشباب لأطول فترة ممكنة بكل الوسائل المتاحة . 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق